Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 65-65)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الآية تبين علة الاستفهام والتعجب في : { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ } [ الزمر : 64 ] يعني : كيف تأمرونني بذلك ، وأنا الرسول المؤتَمن على الدين والوحي ، وقد أوحى الله إليَّ وإلى الذين من قبلي { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [ الزمر : 65 ] هذه علَّة تجهيلهم في قولهم لرسول الله : نعبد إلهك سنة وتعبد آلهتنا سنة . ومعنى { وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } [ الزمر : 65 ] أي : الرسل السابقين ، لأن كل واحد منهم قُوبل بهذه القضية ، لكن هل يُعقل من الرسل أنْ يشركوا بالله ؟ قالوا : هذا فَرْض ، يعني : لو فرضنا ذلك فسيكون هذا جزاءهم ، فهي أشبه بقولهم : إياك أعني واسمعي يا جارة فإذا كان هذا الوعيد مُوجَّهاً إلى الرسل فهو مُوجَّه من باب أَوْلَى إلى العامة . قال بعض العلماء في هذه الآية { وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } [ الزمر : 65 ] أنت تتكلم هنا عن عصمة الرسل ، لكن هذه العصمة بقدر الله ، وقدر الله لا يملكه أحد ، ألم يَقُلْ رسولٌ من الرسل : { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً … } [ الأعراف : 89 ] . فالمعنى أنه أعطى للقدرة طلاقة أنْ تفعل ما تريده ، وإنْ كان هذا لا يحدث . ومضمون الوحي إليك وإلى الذين من قبلك : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [ الزمر : 65 ] لكن الآية جعلت الموحَى إليهم في جانب ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في جانب ، فخصَّ اللهُ رسوله بالخطاب في { لَئِنْ أَشْرَكْتَ } [ الزمر : 65 ] والخطاب لرسول الله دلَّ على أنه مُوجَّه أيضاً إلى الرسل السابقين . ومعنى { لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [ الزمر : 65 ] يفسد ويضيع بلا جدوى { وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [ الزمر : 65 ] نعرف في التجارة أن الخسارة هي أنْ يقلَّ رأس المال ذاته ، فالتاجر حين لا يربح زيادة على رأس المال لا يُسمَّى خاسراً ما دام سَلِم له رأس ماله . كذلك المؤمن ، رأس ماله في تجارته مع الله إيمانه وعمله الصالح ، فربُّك خلقك من عَدَم وأمدَّك من عُدم ، وأرسل لك رسلاً وأنزل لك كتباً ، فجعل لك بذلك صفقة رابحة معه سبحانه ، وعليك أنت أيها المؤمن أنْ تستغلَّ هذه الفرصة لتربح مع الله ، لأن العمل الذي تعمله في الدنيا عملٌ موقوت بحياتك وعمرك في الدنيا . أما الجزاء على العمل ففي الآخرة وهي غير موقوتة ، بل دائمة باقية ، وهنا تكمن مَيْزة التجارة مع الله لذلك قال سبحانه : { وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [ العنكبوت : 64 ] .