Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 66-66)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كلمة بل حرف يفيد الإضراب عن الكلام السابق وإثبات ما بعدها ، يعني : اعرض عن دعوتهم لك أنْ تعبد آلهتهم ، وإياك أن تميلَ إليهم { بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ } [ الزمر : 66 ] وليؤكد عبادة الله وحده حتى جاء بهذا الأسلوب بل الله فاعبد وقدَّم المفعول به على الفعل ، وهذا يُسمَّى أسلوبَ قصر . يعني : قصر العبادة على الله وحده دون سواه ، كما في قوله تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } [ الفاتحة : 5 ] . فتقديم الضمير المنفصل العائد على الحق سبحانه على الفعل نعبد يعني : نعبدك أنت فقط لا نعبد غيرك ، أما لو قُلْنا : نعبدك تحتمل ونعبد غيرك . وقوله : { وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } [ الزمر : 66 ] الشاكرين الله على الهداية والتوفيق ، لأنْ تعبده وحده وتشكره على ما تقدم لك من النعم ، وما هذه النعم إلا عربون للنعيم الدائم الذي ينتظرك . ومن عجائب لطفه تعالى بنا أنْ شرع لنا من الأحكام افعل ولا تفعل ما فيه الخير لنا في دنيانا ، ثم يُثيبنا عليه في الآخرة إنْ أطعنا ويُخوِّفنا بالعذاب إنْ عصينا ، فهو سبحانه لطيف بنا حريص على نجاتنا ، مع أنه سبحانه لا ينتفع من ذلك بشيء ، فلا تنفعه طاعة ولا تضره معصية . واقرأ الحديث القدسي عند رب العزة سبحانه : " يا عبادي … لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في مُلكي شيئاً ، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدْخِل البحر " . فاعلم أيها العبد أن ربك يحبك ويريد لك الفوز والنجاة فأنت عبده وأنت صنعته ، والصانع يريد لصنعته أنْ تكون على أحسن حال .