Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 74-74)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قولهم : { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ … } [ الزمر : 74 ] أهو حَمْد على صدق الله في الوعد ، أم لأنكم بتوفيق الله صدقتم الله فيما وعدكم به ؟ المعنى : الحمد لله الذي جعلنا أهلاً لأنْ يصدق وعده فينا لأننا صدَّقنا به ، وإلا فوَعْد الله صادق صادق . { وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ … } [ الزمر : 74 ] الإرث هنا له معنىً غير معناه الذي نعرفه بأنْ يرث شخصٌ غيره بعد موته … فالميراث هنا في الجنة كما قال تعالى في آية أخرى : { وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الأعراف : 43 ] . وبيانُ ذلك كما قلنا أن الحق سبحانه قضى أزلاً أنْ يخلق خلقاً ، وأن يترك لهم الاختيار في أشياء ، ويجبرهم في أشياء أخرى ليظلوا عبيداً له سبحانه رغم أنوفهم من ناحية وعبيداً فيما يختارون من ناحية . فإنْ آثروا جانب الله تعالى وآثروا مراده على ما وكل فيهم من الاختيار فازوا بمنزلة العبودية لله ، وكانوا وقتها أفضل من الملائكة لأن الملائكة جُبلوا على الطاعة أمّا الإنسان فأعطى الاختيار يُطيع أو يعصي ، فإنْ أطاع فله أنْ يزهوَ حتى على الملائكة . لذلك كان إبليسُ قبل أنْ يعصي يزهو على الملائكة ، وكان يُسمَّى طاووس الملائكة لأنه مخلوق مختار ، ومع ذلك أطاع كما أطاعتْ الملائكة فأصبح له مَيْزة عليهم إلى أنْ زلَّ الزلة الأخيرة فأُبعِد وطُرِد من رحمة الله . نقول : لما خلق الله الخَلْقَ مختارين ، لهم أنْ يطيعوا ، ولهم أنْ يعصوا أعدَّ لهم دار الجزاء في الجنة على اعتبار أنهم جميعاً سيطيعون ، فلكل واحد منهم منزلة في الجنة ، كذلك أعدَّ لهم في النار أماكن تسعهم جميعاً لو عصوا ، فحين يذهب أهل النار إلى النار تخلو أماكنهم في الجنة فأين تذهب ؟ يأخذها أهل الجنة أو يرثونها كما قال القرآن . وقوله تعالى : { نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ … } [ الزمر : 74 ] نقول : تبوأ المكان يعني : نزل به ، ومن ذلك قوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام : { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ } [ يوسف : 56 ] فالمعنى : ننزل ونسكن ، لكن المسألة ليست بالقوة ، كل يذهب حيث يشاء ، وليس فيها تعدياً على حقوق الآخرين ، فالمعنى : نسكن ما نشاء ، كل في جنته وما خصص له لا في جنة غيره ، وهذا دليل على أن الجنة الخاصة به واسعة { فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } [ الزمر : 74 ] نعم للمدح يعني : أجر كبير نالوه بأعمالهم الصالحة .