Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 154-154)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
إذن اجتراؤهم في البداية كان في طلب رؤية الله جهرة ، ثم العملية الثانية وهي اتخاذهم العجل إلها . ويعالج الله هؤلاء بالأوامر الحسية ، لذلك نتق الجبل فوقهم : { وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ } [ الأعراف : 171 ] مثل هؤلاء لا يرضخون إلا بالآيات المادية ، لذلك رفع الله فوقهم الجبل ، فإما أن يأخذوا ما آتاهم الله بقوة وينفذوا المطلوب منهم ، وإما أن ينطبق عليهم الجبل ، وهكذا نرى أن كل اقتناعاتهم نتيجة للأمر المادي ، فجاءت كل الأمور إليهم من جهة المادة . { وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً } . أي أن يدخلوا ساجدين ، وهذا إخضاع مادي أيضاً . وكان هذا الباب الذي أمرهم موسى أن يدخلوه ساجدين هو باب قرية أريحا في الشام . { وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ } وسبحانه قال عنهم : { إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ } [ الأعراف : 163 ] وكلمة " السبت " لها اشتقاق لغوي من " سبت " و " يسبت " أي سكن وهدأ . ويقول الحق سبحانه : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِبَاساً وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً } [ الفرقان : 47 ] أي جعل النوم سكنا لكم وقطعا لأعمالكم وراحة لأبدانكم . { وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ } أي نهاهم الله أن يصطادوا في يوم السبت . ويأتي يوم السبت فتأتيهم الحيتان مغرية تخرج أشرعتها من زعانفها وهي تعوم فوق الماء ، أو تظهر على وجه الماء من كل ناحية ، وهذا من الابتلاءات . { وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ } أي أن الأيام التي يكون مسموحاً لهم فيها بالصيد لا تأتي لهم الأسماك ، ولذلك يحتالون ويصنعون الحظائر الثابتة من السلك ليدخلها السمك يوم السبت ولا يستطيع الخروج منها . لقد احتالوا على أمر الله . هكذا يبين الحق سبحانه وتعالى مراوغة بني إسرائيل . وفعل الله بهم كل ذلك ولكنهم احتالوا وتمردوا ورّدوه ، وحين يهادن الحق القوم الذين يدعوهم إلى الإيمان فسبحانه يُقَدر أنه خلقهم ويُقدر الغريزة البشرية التي قد يكون من الصعب أن تلين لأول داع ، فهو يدعوها مرة فلا تستقبل ، فيعفو . ثم يدعوها مرة فلا تستقبل فيعفو ، ثم يدعوها مرة فلا تستقبل فيعفو . وأخذ الله عليهم العهد الوثيق المؤكد بأن يطيعوه ولكنهم عصوا ونقضوا العهد ، وبعد ذلك يقول لنا الخبر لنتعلم أن الله لا يمل حتى تملوا أيها البشر . فسبحانه يقول من بعد ذلك : { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ … } .