Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 176-176)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والاستفتاء هو طلب الفتيا . ومعناها إرادة معرفة حكم شرعي لله في أمر لا يجد السائل علماً له فيه . وكان الصحابة يستفتون رسول الله ، مع أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم : " ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه " وجاء القرآن في كثير من الآيات بـ " يسألونك " . كأن الحق يعلمنا أن الصحابة أرادوا أن يثبتوا أنهم أحبوا منهج الله فأرادوا أن يبنوا حياتهم كلها على منهج الله ، ولو كانوا قد كرهوا منهج الله لما سألوا ، لقد وجدوا أن الإسلام قد جاء ، ووجد أشياء في الجاهلية وأقرها ، ووجد أشياء قام بتغييرها ولم يرد الصحابة أن يصنعوا الأشياء على أنّها امتداد لصنع الجاهلية ، بل أرادوا أن يصنعوها على أنها حكم للإسلام لذلك جاءت أسئلتهم الكثيرة . والفتوى تكون في حكم . والسؤال يكون في حكم وفي غير حكم . وهم يطلبون الفتوى في الكلالة ، ودقة القرآن في إيجاز السؤال : { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ } وقد تقدم من قبل الحديث عن الكلالة : { وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً } [ النساء : 12 ] إلا أن الذي تقدم هناك كان عن الصلة من ناحية الأم ، وسؤال جابر بن عبدالله كان عن الصلة من ناحية الأب . فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال : " مرضت مرضا فأتاني النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وهما ماشيان فوجداني أغمي عليّ ، فتوضا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثم صبّ وَضوءه عليّ فأفقت فإذا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقلت يا رسول الله كيف أصنع في مالي ؟ كيف أقضي في مالي ؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث " . وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد فقلت : إنه لا يرثني إلا كلالة ، فكيف الميراث ؟ فأنزل الله آية الفرائض . وبعض العلماء قال : إن كلمة " كلالة " مأخوذة من كلال التعب لأن الكلالة في الشرع هو من ليس له ولد ولا والد ، والإنسان بين حياتين حياة يعولها والد ، وعندما يكبر ويضعف تصير حياته يعولها ولد لذلك فالذي ليس له والد ولا ولد يعيش مرهقاً فليس له والد سبق بالرعاية ، وليس له ولد يحمله في الكبر لذا سمي بالكلالة . وبعضهم قال : إنها من الإكليل أي التاج . وهو محيط بالرأس من جوانبه والمقصود به الأقارب المحيطون بالإنسان وليس لهم به صلة أعلى أي من الآباء ، أو من أدنى أي من الأبناء . { إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ } أي أن الكلالة هي أن يموت أحد وله أخت شقيقة أو أخت من أب فهي ترث النصف وإذا ماتت هذه الأخت فالأخ يرثها سواء أكان شقيقاً أم أخاً لأب . وإن ترك الرجل الكلال أختين أو أكثر فلهما الثلثان مما ترك ذلك الأخ . وإن كان له إخوة من رجال ونساء ، فها هوذا قول الحق : { وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ } . أي أن للذكر من الإخوة مثل حظ الأنثيين . ويختم الحق الآية : { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } . أي أنه الحق يبين أحكامه خشية أن يصيب القوم الضلال . وقد علم سبحانه أزلاً بكل سلوك ، وكل خافية ، وهو العليم أبداً بما ينفع الناس جميعاً . وبذلك انتهينا بعون الله من خواطرنا في سورة النساء .