Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 175-175)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لقد آمنوا بالله واعتصموا به ، ما معنى الاعتصام ؟ . قديماً كان الرجل عندما يقع في هوة يصرخ ليحذبه إنسان خارج الهوة بيده ، وهذا هو الأصل في الاعتصام ، أي يستمسك الإنسان بمن ينقذه من هاوية أو كارثة ، والحق يعطي الأسباب ، فإذا جاءت الشمس وسار فيها إنسان فقد أعطاه الله الشجرة ليستظل بها . وإذا ما نزل المطر فيمكن أن نستتر منه بمظلة ، وإذا عطش إنسان فالله يعطيه سبباً ليأخذ كوب ماء ، والعاقل هو الذي يذكر عند كل سبب من أوجد السبب . فإياك أيها المؤمن أن تغتر بالأسباب لأن عدم الاغترار بالأسباب يحمي الإنسان . فعندما تأتيه أمور في ظاهرها شر ، فمادام مجريها عليك هو الله فهي خير بالتأكيد ، لكنك لا تعلم . وما أضل علم الإنسان في كثير من المسائل فالإنسان قد يحسب أمرا أنّه هو الحسن ، فيظهر له بعد حين أنه السوء ، وقد يعتبر إنسان أمرا هو السيئ ، فيظهر له بعد حين أنه الحسن ، ولا يوجد واحد منا إلا وفي حياته أشياء كان يظنها خيرا فإذا بها شر ، أو كان يظنها شراً فإذا بها خير . والشر هو ما يأتيه الإنسان لنفسه بعمله ، أما الأمور التي تقع على الإنسان فحكمتها تمشي على مقتضى علم الله لا على مقتضى هوى البشر . إننا نجد من يقول : إنني أدعو الله بكذا ولا يستجيب لي . ونقول : إنك تدعو بأشياء تظنها الخير لك لكن الله يعلم أن هذه الأشياء ليست هي الخير لذلك لا يعطيها لك ، فإن كنت مؤمناً بالله ومعتصماً به فأنت تهمس لنفسك : أَلِيَ في هذا الأمر مدخل أم لا مدخل لي فيه ؟ . فإذا كان لك فيه مدخل فاللوم على نفسك . وإن كان الله قد أجراه عليك فهو خير لك ولله حكمة في ذلك . @ وحَظِّي من الدنيا سواء لأنني رضيت بحكم الله في العسر واليسر فإن أقبلت كان الجزاء على النجا وإن أدبرت كان الجزاء على الصبر @@ { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } . وماداموا قد آمنوا بالله واعتصموا بالله واعتصموا به فسيهديهم صراطه المستقيم ، وعاقبة الهداية وثمرتها فسرها وبيّنها قوله الحق : { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ } [ محمد : 17 ] وقال لنا الرسول صلى الله عليه وسلم : " من عمل بما عَلِم ورّثه الله عِلْمَ ما لم يعلم " أي يصير مأموناً على العلم لأن العلم الذي أخذه عن الله وظَّفه في خدمة غيره ، ولم يدخره أو يعطله . ويختتم الحق سبحانه وتعالى سورة النساء بقوله : { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ … } .