Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 20-20)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فإذا ضاقت بك المسائل ، بعد أن عاشرت بالمعروف ولم يعد ممكناً أن تستمر الحياة الزوجية في إطار يرضى عنه الله ، وتخاف أن تنفلت من نفسك إلى ما حرم الله ، ماذا تفعل ؟ يقول سبحانه : { وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ … } [ النساء : 20 ] أي لك أن تستبدل ما دامت المسألة ستصل إلى جرح منهج الله ، وعليك في هذا الاستبدال أن ترعى المنهج الإيماني مثلما أشار به سيدنا الحسن رضي الله عنه على الرجل الذي كان يستشيره في واحد جاء ليخطب ابنته . قال سيدنا الحسن - رضي الله عنه - : إن جاءك الرجل الصالح فزوجه ، فإنه إن أحب ابنتك أكرمها ، وإن كرهها لم يظلمها . والحق يقول : { وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ … } [ النساء : 20 ] فهذا يعني أن الرغبة قد انصرفت عن الأولى نهائياً ، ولا يمكن التغلب عليها بغير الانحراف عن المنهج . وقد يحدث أن يضيق الرجل بزوجته وهو لا يعاني من إلحاح في الناحية الغريزية ، فيطلقها ولا يتزوج ، فما شروط المنهج في هذا الأمر ؟ يقول الحق : { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً … } [ النساء : 20 ] . كلمة " قنطار " وكلمة " قنطرة " مأخوذة من الشيء العظيم . وقنطار تعني " المال " . وقدروه قديماً بأنه ملء مَسْك البقرة ، و " المسك " هو الجلد ، فعندما يتم سلخ البقرة يصبح جلدها مثل القربة ، وملأ مَسْكها يسمى قنطاراً ، والقنطار المعروف عندنا الآن له سمة وَزْنِيّة ، والحق حين يعظم المهر بقنطار يقول : { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً … } [ النساء : 20 ] فهو يأتي لنا بمثل كبير وينهانا بقوله : { فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً … } [ النساء : 20 ] لماذا ؟ لأنك يجب أن تفهم أن المهر الذي تدفعه ليس منساحاً على زمن علاقتك بالمرأة إلى أن تنتهي حياتكما ، بل المهر مجعول ثمناً للبضع الذي أباحه الله لك ولو للحظة واحدة ، فلا تحسبها بمقدار ما مكثت معك ، لا ، إنما هو ثمن البضع ، فقد كشفت نفسها لك وتمكنت منها ولو مرة واحدة . إذن فهذا القنطار عمره ينتهي في اللحظة الأولى ، لحظة تَمكّنِك منها . { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً … } [ النساء : 20 ] وهذه هي المسألة التي قال فيها سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : أخطأ عمر وأصابت امرأة ، لأنه كان يتكلم في غلاء المهور فقالت له المرأة : كيف تقول ذلك والله يقول : { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً … } [ النساء : 20 ] ، فقال : أصابت امرأة وأخطأ عمر . عن عمر رضي الله عنه أنه نهى وهو على المنبر عن زيادة صداق المرأة على أربعمائة درهم ثم نزل ، فاعترضته امرأة من قريش فقالت : أما سمعت الله يقول : { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً . . } [ النساء : 20 ] ؟ فقال : اللهم عفواً كل الناس أفقه من عمر ثم رجع فركب المنبر فقال : " إني كنت قد نهيتكم أن تزيدوا في صدُقاتهن على أربعمائة درهم فمَنْ شاء أن يعطي من ماله ما أحب " . وعن عبد الله بن مصعب أن عمر - رضي الله عنه - قال : " لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية من فضة ، فمَنْ زاد أوقية جعلتُ الزيادة في بيت المال ، فقالت امرأة : ما ذاك لك ، قال ولَم ؟ فقالت : لأن الله تعالى يقول : { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً … } [ النساء : 20 ] فقال عمر : " امرأة أصابت ورجل أخطأ " . ثم ينكر القرآن مجرد فكرة الأخذ فيقول : { أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } [ النساء : 20 ] لماذا ؟ لأنه ليس ثمن استمتاعك بها طويلاً ، بل هو ثمن تمكنك منها ، وهذا يحدث أَوَّل ما دخلت عليها . وإن أخذت منها شيئاً من المهر بعد ذلك فأنت آثم ، إلاَّ إذا رضيت بذلك ، والإثم المبين هو الإثم المحيط . ويأتي الحق من بعد ذلك بمزيد من الاستنكار فيقول : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ … } [ النساء : 21 ] إنه استنكار لعملية أخذ شيء من المهر بحيثية الحكم فيقول : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ … } .