Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 28-28)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فسبحانه بعد أن قال : { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ … } [ النساء : 26 ] ليبصر ، { وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ … } [ النساء : 27 ] ليغفر ، والآن يقول : { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ … } [ النساء : 28 ] لييسر ، وهي ثلاثة أمور هامة . ويقول سيدنا ابن عباس - رضي الله عنه وعن أبيه - : " في سورة النساء ثماني آيات لأمة محمد هي خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب : الأولى قول الحق : { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [ النساء : 26 ] . والثانية هي قول الحق : { وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } [ النساء : 27 ] . والثالثة هي قول الحق : { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً } [ النساء : 28 ] . والرابعة هي قول الحق : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } [ النساء : 31 ] . والخامسة هي قول الحق : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفْتَرَىٰ إِثْماً عَظِيماً } [ النساء : 48 ] . والسادسة هي قوله سبحانه : { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } [ النساء : 110 ] . والسابعة هي قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } [ النساء : 40 ] . { مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً } [ النساء : 147 ] . هذه هي الآيات الثماني التي لم تؤت مثلها أي أمة إلا أمة محمد عليه الصلاة والسلام . ومنها قول الحق : { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً } [ النساء : 28 ] . وما هو ضعف الإنسان ؟ . الضعف هو أن تستميله المغريات ولا يملك القدرة على استصحاب المكافأة على الطاعة أو الجزاء على المعصية ، لأن الذي تتفتح نفسه إلى شهوة ما يستبعد - غالباً - خاطر العقوبة ، وعلى سبيل المثال ، لو أن السارق وضع في ذهنه أن يده ستقطع إن سرق ، فسيتردد في السرقة ، لكنه يقدر لنفسه السلامة فيقول : أنا أحتال وأفعل كذا وكذا كي أخرج . إذن فضعف الإنسان من ناحية أن الله جعله مختاراً تستهويه الشهوات العاجلة ، لكنه لو جمع الشهوات أو صعد الشهوات فلن يجد شهوة أحظى بالاهتمام من أن يفوز برضاء ولقاء الله في الآخرة . وقول الحق : { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً } [ النساء : 28 ] نلحظ فيه أن التخفيف مناسب للضعف ، والضعف جاء من ناحية أن الإنسان أصبح مختاراً وخاصة في أمور التكليف ، فالذي جعل فيه الضعف جعله مختاراً يفعل كذا أو يفعل كذا ولكل أمر مغرياته ، ومغريات الشهوات حاضرة . ومغريات الطاعة مستقبله فهو يغلب دائماً جانب الحاضر على جانب المستقبل . ويقول الحق من بعد ذلك : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ … } .