Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 2-2)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وكيف نؤتي اليتيم ماله وهو لم يبلغ مبلغ الرجال بعد ، ونخشى أن نعطيه المال فيضيعـه ؟ انظر إلى دقة العبارة في قوله من بعد ذلك : { وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ … } [ النساء : 6 ] . وقبل ذلك ماذا نفعل ؟ هل ندفع لهم الأموال ؟ الحق يوضح أنك ساعة تكون ولياً على مال اليتيم فاحرص جيداً أن تعطي هذا اليتيم ماله كاملاً بعد أن يستكمل نضجه كاملاً ، فأنت حفيظ على هذا المال ، وإياك أن تخلط مالك بماله أو تتبدل منه ، أي تأخذ الجميل والثمين من عنده وتعطيه من مالك الأقل جمالاً أو فائدة . إذن فقوله : { وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ … } [ النساء : 2 ] أي أن الله جعل المال لليتيم ولم يجعل للقيِّم عليه أن يتصرف في هذا المال إلا تصرف صيانة ، وأيضاً هنا ملحظ آخر هو ما شرحه لنا { وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ … } [ النساء : 6 ] فهناك أناس يريدون أن يطيلوا زمن الوصاية على اليتيم ، لكي ينتفع الواحد منهم بهذا المال فيوضح سبحانه : لا تنتظر إلى أن يبلغ الرشد ثم تقول ننظره ، لا . أنت تدربه بالتجربة في بعض التصرفات وتنظر أسيحسن التصرف أم لا ؟ إن قول الحق { وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ … } [ النساء : 6 ] أي اختبروهم ، هل يستطيعون أن يقوموا بمصالحهم وحدهم ؟ فإن استطاعوا فاطمئنوا إلى أنهم ساعة يصلون إلى حد الحلم سيحسنون التصرف ، أعطوهم أموالهم بعد التجربة لأن اليتيم يعيش في قصور عمري ، وهو سبحانه يفرق بين اليتيم والسفيه ، فالسفيه لا يعاني من قصور عمري بل من قصور عقلي ، وعندما تكلم سبحانه عن هذه المسألة قال : { وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ … } [ النساء : 5 ] . فهل هي أموالكم ؟ لا . فحين يكون المرء سفيها فاعلم أنه لا إدارة له على ملكه ، وتنتقل إدارة الملكية إلى مَنْ يتصرف في المال تصرفاً حكيماً ، فاحرص على أن تدير مال السفيه كأنه مالك لأنه ليس له قدرة على حسن التصرف . لكن لما يبلغ اليتيم إلى مرحلة الباءة والنكاح والرشد يقول الحق : { فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ … } [ النساء : 6 ] . إنه سبحانه يقول مرة في الوصاية : { أَمْوَالَكُمُ … } [ النساء : 5 ] وفي العطاء يقول : { أَمْوَالَهُمْ … } [ النساء : 6 ] إذن فهو يريد ألا تبدد المال ، ثم يوضح . احرص على ثروة اليتيم أو السفيه وكأنها مالك ، لأنه ما دام سفيهاً فمسئولية الولاية مطلوبة منك ، والمال ليس ملكاً لك . خذ منه ما يقابل إدارة المال وقت السفه أو اليتم ، وبعد ذلك يأتي الحق سبحانه وتعالى ليعلم القائمين على أمر اليتامى أو على أمر السفهاء الذين لا يحسنون إدارة أموالهم فيقول : { وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا … } [ النساء : 5 ] . اجعلوا الرّزق مما يخرج منها ، وإياكم أن تبقوها عندكم ، وإلا فما قيمة ولايتك ووصايتك وقيامك على أمر السفيه أو اليتيم ؟ إنك تثمر له المال لا أن تأكله أو لا تحسن التصرف فيه بحيث ينقص كل يوم ، لا . { وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا … } [ النساء : 5 ] ، و " في " هنا للسببية ، أي ارزقوهم بسببها ، ارزقوهم رزقاً خارجاً منها . { وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ … } [ النساء : 2 ] والخبيث هو الحرام والطيب هو الحلال ، ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ، فقد يكون ضمن مال اليتيم شيء جميل ، فيأخذه الوصي لنفسه ويستبدله بمثلٍ له قبيح ، مثال ذلك ، أن يكون ضمن مال اليتيم فرس جميل ، وعند الوصي فرس قبيح فيأخذه ويقول : فرس بفرس ، أو جاموسة مكان جاموسة ، ؟ أو نخلة طيبة بنخلة لا تثمر ، هنا يقول الحق : { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ … } [ النساء : 2 ] . وقوله سبحانه وتعالى : { وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ … } يعني إياكم ألا تجعلوا فرقاً بين أموالهم وأموالكم فتأكلوا هذه مع تلك ، بل فرقوا بين أكل أموالكم والحفاظ على أموالهم لماذا ؟ تأتي الإجابة : { إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } [ النساء : 2 ] أي إثماً فظيعاً . ثم يتنقل الحق إلى قضية أخرى يجتمع فيها ضعف اليتم ، وضعف النوع : ضعف اليتم سواء أكان ذكراً أم أنثى ، وإن كانت أنثى فالبلوى أشد فهي قد اجتمع عليها ضعف اليتم وضعف النوع ، طبعاً فاليتيمة عندما تكون تحت وصاية وليها ، يجوز أن يقول : إنها تملك مالاً فلماذا لا أتزوجها لكي آخذ المال ؟ وهذا يحدث كثيراً . ولذلك يقول الحق سبحانه : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ … } .