Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 45-45)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فقد يكون عندكم علم بالأعداء فيقال : أنتم عالمون بأعدائكم ، لكن الله أعلم بالأعداء جميعاً لأنه قد تكون لك عداوة بينك وبين نفسك ، أو عداوة من زوجتك ، أو عداوة من أولادك أو كل هذه العداوات جميعها أو بعضها ، وهؤلاء في ظاهر الأمر لا يمكن للإنسان أن يتبين عداواتهم جميعاً ، لكن الله أعلم بهم وبما يخفون لذلك يقول : { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ … } [ النساء : 45 ] . وجاء بها بعد قوله : { وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ } [ النساء : 44 ] أي مخافة أن نقول : إن هؤلاء أهل كتاب أو مسلمون مثلنا وكذا وكذا . وما دام الله هو الأعلم بالأعداء فهو لن يخدعنا ولن يغشنا ، فيجب أن ننتبه إلى ما يقوله الحق من أنهم أعداؤنا ، ويقول بعدها : { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً … } [ النساء : 45 ] وحين يقول هذا ، فالقول يعني أنك لا تريد وليّاً بعد ذلك ، كما يقولون : كفاني فلانٌ أي أنك قد تحتاج إلى هذا وهذا ثم تقول : لكنَّ فلاناً عرفته فكفاني عن كل ذلك ، أي لا يحوجني إلى أحد سواه لأنني أجد عنده الكفاية التي تكفيني في كل حركة حياتي . { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً … } [ النساء : 45 ] نعم كفى به وليّاً لأن غيره من البشر إنما يملكون الأسباب ، والحق سبحانه وتعالى هو الذي خلق الأسباب ، فيملك ما هو فوق الأسباب . ولذلك يقول مطمئناً لنا : { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [ الطلاق : 2 ] . و " الولي " دائماً هو من يليك مباشرة أي أنه قريب منك . { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيراً } [ النساء : 45 ] إذن فهناك قريب ، وهناك أيضاً نصير ، فقد يكون هناك من هو قريب منك ولا ينصرك ، لكن الله وليّ ونصير ، فما دامت المسألة مسألة معركة { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيراً } [ النساء : 45 ] ، كأن الحق ينبهنا : إياكم أن تقولوا إننا نلتمس النصرة عند أحد ، اصنعوا ما في استطاعتكم أن تصنعوه ثم اتركوا ما فوق الاستطاعة إلى الله . ولذلك فالحق سبحانه وتعالى أوضح لنا : إياكم أن تتخذوا من أعدائكم أولياء ، وإياكم أن تقولوا ماذا نفعل ونحن ضعفاء ، ونريد أن نكون في حمى أحد ، وماذا نفعل في أعدائنا ؟ لا تقولوا ذلك لأن الله أعلمنا : أنا أنصركم بالرعب بأن أُلْقِيَ في قلوب أعدائكم الخوف فينهزموا من غير سبب وفيهم قوة وغلبة ، فإن لم يكن عندكم أسلحة فسأنصركم بالرعب . وما دام سينصرنا بالرعب فهذه كافية لأنه ساعة ينصرني بالرعب يلقي عدوي سلاحه وأنا آخذه ولذلك قال : اعملوا ما في استطاعتكم ، ولم يقل : أعدوا لخصومكم ما تحققون به النصر ، فهو سبحانه قادر على أن ينصرنا بالرعب : { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ } [ آل عمران : 151 ] . وما دام ألقى في قلوب الذين كفروا الرعب فوسائلهم كلها تكون للمؤمنين وتنتهي المسألة . ويقول الحق بعد ذلك : { مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ … } .