Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 4-4)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والمقصود بـ { صَدُقَاتِهِنَّ … } [ النساء : 4 ] هو المهور ، و " النِّحلة " هي العطية ، وهل الصداق عطية ؟ لا . إنه حق وأجر بضع . ولكن الله يريد أن يوضح لنا : أي فليكن إيتاء المهور للنساء نحلة ، أي وازع دين لا حكم قضاء ، والنحلة هي العطية . وانظر إلى اللمسات الإلهية والأداء الإلهي للمعاني ، لأنك إن نظرت إلى الواقع فستجد الآتي : الرجل يتزوج المرأة ، وللرجل في المرأة متعة ، وللمرأة أيضاً متعة أي أن كُلاً منهما له متعة وشركة في ذلك ، وفي رغبة الإنجاب ، وكان من المفترض ألا تأخذ شيئاً ، لأنها ستستمتع وأيضاً قد تجد ولداً لها ، وهي ستعمل في المنزل والرجل سيكدح خارج البيت ، ولكن هذه عطية قررها الله كرامة للنساء { وَآتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَة … } [ النساء : 4 ] والأمر في { آتُواْ … } [ النساء : 4 ] لمَنْ ؟ إما أن يكون للزوج فقوله : { وَآتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ … } [ النساء : 4 ] يدل على أن المرأة صارت زوجة الرجل ، وصار الرجل ملزماً بالصداق ومن الممكن أن يكون ديناً إذا تزوجها بمهر في ذمته يؤديه لها عند يساره ، وإمّا أن يكون الأمر لولي أمرها فالذي كان يزوجه أخته مثلاً ، كان يأخذ المهر له ويتركها دون أن يعطيها مهرها ، والأمر في هذه الآية - إذن - إما أن يكون للأزواج وإما أن يكون للأولياء . وحين يُشَرِّع الحق لحماية الحقوق فإنه يفتح المجال لأريحيات الفضل . لذلك يقول : { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } [ النساء : 4 ] . لقد عرّف الحق الحقوق أولاً بمخاطبة الزوج أو ولي الأمر في أن مهر الزوجة لها لأنه أجر البضع . ولكنه سبحانه فتح باب أريحية الفضل فإن تنازلت الزوجة فهذا أمر آخر ، وهذا أدعى أن يؤصل العلاقة الزوجية وأن يؤدم بينهما . والمراد هنا هو طيب النفس ، وإياك أن تأخذ شيئاً من مهر الزوجة التي تحت ولايتك بسبب الحياء ، فالمهم أن يكون الأمر عن طيب نفس . { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } [ النساء : 4 ] والهنيء هو الشيء المأكول وتستسيغه حين يدخل فمك . لكنك قد تأكل شيئاً هنيئاً في اللذة وفي المضغ وفي الأكل ولكنه يورث متعبة صحية . إنه هنيء لكنه غير مريء . والمقصود هو أن يكون طيب الطعم وليس له عواقب صحية رديئة . وهو يختلف عن الطعام الهنيء غير المريء الذي يأكله الإنسان فيطلب من بعده العلاج . إذن فكل أكل يكون هنيئاً ليس من الضروري أن يكون مريئاً . وعلينا أن نلاحظ في الأكل أن يكون هنيئاً مريئاً . والإمام عليّ - رضوان الله عليه وكرم وجهه - جاء له رجل يشتكي وجعاً ، والإمام عليّ - كما نعرف - مدينة العلم والفتيا ، وهبه الله مقدرة على إبداء الرأي والفتوى . لم يكن الإمام عليّ طبيباً . لكن الرجل كان يطلب علاجاً من فهم الإمام عليّ وإشراقاته . قال الإمام عليّ للرجل : خذ من صداق امرأتك درهمين واشتر بهما عسلاً ، وأذب العسل في ماء مطر نازل لساعته - أي قريب عهد بالله - واشربه فإني سمعت الله يقول في الماء ينزل من السماء : { وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَارَكاً … } [ ق : 9 ] . وسمعته سبحانه وتعالى يقول في العسل : { فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ … } [ النحل : 69 ] . وسمعته يقول في مهر الزوجة : { فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } [ النساء : 4 ] . فإذا اجتمع في دواء البركة والشفاء الهنيء والمريء عافاك الله إن شاء الله . لقد أخذ الإمام عليّ - رضوان الله عليه وكرّم وجهه - عناصر أربعة ليمزجها ويصنع منها دواءً ناجعاً ، كما يصنع الطبيب العلاج من عناصر مختلفة وقد صنع الإمام عليّ علاجاً من آيات القرآن . وبعد ذلك ينتقل الحق إلى قضايا اليتامى والسفهاء والمال والوصاية والقوامة ، فيقول سبحانه : { وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ … } .