Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 73-73)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

إذن فالعلّة في قوله : يا ليتني كنت معهم ليست رجوعاً عما كان في نفسه أولاً ، بل هو تحسّر أن فاتته الغنيمة ، وجاء الحق سبحانه وتعالى هنا بجملة اعتراضية في الآية تعطينا لقطة إيمانية ، فيقول : { وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يٰلَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً } [ النساء : 73 ] . والجملة الاعتراضية هي قوله : كأن لم تكن بينكم وبينه مودة كأن المودة الإيمانية ليس لها ثمن عنده ، فلو كان لها أدنى تقدير لكان عليه ألا يقول في البداية : أنعم الله عليّ إذ لم أكن معهم شهيداً ، ولكان مع المقاتلين المسلمين ، لكنه يرغب في الفوز والغنيمة فقط ، ويبتعد عن المسلمين إذا ما أصابتهم الهزيمة أو استشهد عدد منهم . وبذلك يكشف لنا الحق موقف المتخاذلين ويوضح لنا : إياكم أن تتأثروا بهؤلاء حين تنفرون ثباتٍ أو حين تنفرون جميعاً . واعلموا أن فيكم مخذلين وفيكم مبطئين وفيكم متثاقلين ، لا يهمهم إلا أن يأخذوا حظاً من الغنائم ، ولذلك يحمدون الله أن هزمتم ولم يكونوا معكم ، ويحبون الغنائم ويتمنونها إن انتصرتم ولم يكونوا معكم ، إياكم أن تتأثروا بهذا وقد أعطيتم هذه المناعة حتى لا تفاجأوا بموقفهم منكم وتكونوا على بصيرة منهم . والمناعات ما هي إلا تربية الجسم ، إن كانت مناعة مادية ، أو تربية في المعاني ، إن حدث مكروه فأنت تملك فكرة عنه لتبني ردّ فعلك على أساس ذلك . ونحن عندما يهاجمنا مرض نأتي بميكروب المرض نفسه على هيئة خامدة ونطعِّم به المريض ، وبذلك يدرك ويشعر الجسم أن فيه مناعة ، فإذا ما جاء الميكروب مهاجماً الجسم على هيئة نشيطة ، فقوى المقاومة في الجسم تتعارك معه وتحاصر الميكروب ، فكأن إعطاء حقن المناعة دربة وتنشيط لقوى المقاومة في الجسم ، وقد أودعها الله في دمك كي تؤدي مهمتها ، كذلك في المعاني يوضح الحق لكم : سيكون منكم مَنْ يفعل كذا وكذا ، حتى تعدًّوا أنفسكم لاستقبال هذه الأشياء إعداداً ولا تفاجأون به لأنكم إن فوجئتم به فقد تنهارون . فإياكم أن تتأثروا بهذا . ويقول الحق بعد ذلك : { فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ … } .