Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 10-10)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لو تتبعنا هذه المسألة من أولها نجد أن الحق سبحانه دعا الخلق بواسطة رسله ومنهجه إليهم ، فمنهم مَن استجاب فآمن ، ومنهم مَنْ كفر { إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } [ غافر : 10 ] وهؤلاء الذين لم يستجيبوا لداعي الحق أرادوا ألاَّ يرتبطوا بمنهج الله في افعل ولا تفعل وألاَّ يُضيِّقوا على أنفسهم بالالتزام بالمنهج ، وأنْ يسيروا في الدنيا على هواهم ، هذا الذي دعاه إلى أنْ يكفر . فحين يعاين العذاب في الآخرة يندم ساعةَ لا ينفع الندم ، ويكره نفسه أشد الكره ، لأنها لم تتبع منهج الإيمان . هذا معنى قوله سبحانه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } [ غافر : 10 ] والمقت أشد البغض . أراد الحق سبحانه أن يقول لهم : إنْ كنتم كرهتم أنفسكم أشد الكره لأنها لم تؤمن بمحمد وبمنهج الحق الذي جاء به ، فاعلموا أن مقْتَ الله لكم لكفركم به أشدّ وأعظم من مقتكم لأنفسكم ، إنكم مقتّم أنفسكم لأنها حرمتكم الخير وجلبتْ لكم الشر حين كفرتْ بالله . والحق سبحانه يمقتكم لأنكم أبعدتم أنفسكم عن مجال الخير منه وخرجتم من حضنه ودائرة رحمته ، لأنه سبحانه يغضب أشدّ الغضب حين يخرج عنده عن ساحته ويحرم نفسه من خيره ، وهذا يعني أنَّ ربك يحبك ويحب لك الخير ويريدك في جنبه وفي معيته ويَغار عليك حين تشرد أو تشذ عن منهجه ، فأنت عبده وصنعته . فكَأن مقته سبحانه للكافر رحمةٌ به وغيرة عليه . لذلك قال سبحانه في الحديث القدسي : " لو خلقتموهم لرحمتموهم " . إذن : الحق سبحانه أثبت أولاً بُغْضهم لأنفسهم ، ثم بيَّن لهم بَغْضه سبحانه للكافر أشدّ من هذا .