Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 14-14)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الدعاء : هو إظهار الذلة والخضوع لله تعالى ، لماذا ؟ لأن من الناس مَنْ تمرَّد على الله وتكبَّر على الطاعة ، وتعالى على أنْ يظهر لله الخضوع فحين يرى منكم الذلةَ والخضوع لله ويرى الإخلاص في العبادة يعلم أن هذا التمرد ليس طَبْعاً في الإنسان ، بل هو طبْع هواه بدليل أن من الناس مَنْ ذَلَّ وخضع ، ومن الناس مَنْ يدعو ربه ويخلص له ويطيعه . إذن : ليس التمردُ خاصية لازمة للإنسان بل هو خاصية في المتمرد فقط ، إنما الإنسان حينما يكون على طبيعته وفطرته لابد له أنْ يلجأ إلى الله ويستعين به ، لذلك ادعوا الله مخلصين له الدين ، ولو كره الكافرون منكم هذا الدعاء . وقلنا في فضل الدعاء أنه " مخ العبادة " ، والدعاء ما هو إلا ذلة عابد لعزة معبود ، مجرد إظهار الذلة بصرف النظر عما يترتب على الدعاء ، وإلا فالحق سبحانه أعطاك قبل أنْ تدعوه ، وخلق لك قبل أن توجد ، لذلك ليس من اللازم أن يستجيب الله لكل مَنْ يدعوه ، وكأنه سبحانه يقول لنا : تنبَّهوا إلى أن منكم مَنْ يدعو فلا أستجيب له ، وأنا حين لا أستجيب له أمنحه العطاء الأعلى لأنه قد يدعو بالشر دعاءه بالخير ، ويطلب الشيء وهو لا يعرف أن فيه هلاكه . وسبق أنْ ضربنا لذلك مثلاً بالأم التي تدعو على ولدها حين الغضب تقول إلهي أشرب نارك ، فما موقف هذه الأم لو أن الله استجاب لها ؟ إذن : الحق سبحانه علم أنها حمقاء في دعائها ، وأنها دَعَت بِشَرٍّ تظنه خيراً فصوَّب لها الدعاء لذلك قلنا في الثناء عليه سبحانه : سبحانك يا مَنْ تُصوِّب خطأ الداعين بألاَّ تجيب ، وبذلك حميتنا من الضر ، فكَمْ يدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير ؟ وفي هذه الآية { فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } [ غافر : 14 ] حَثٌّ لنا على كيد الكافرين وإغاظتهم بإظهار الذلة لله والخضوع له سبحانه ، فهذه المسألة تكيدهم ، لأنها تظهر لهم عِزَّ الربوبية والكبرياء لله تعالى الذي كفروا به ، وتعالَوْا على طاعته ، وتكبَّروا عليه سبحانه ، لذلك داوموا على الدعاء أمامهم وأروُهُمْ من أنفسكم منتهى الذلة لله .