Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 65-65)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { هُوَ ٱلْحَيُّ } [ غافر : 65 ] كأن كلّ صفات الكمال الأصل فيها أنْ توجد بحياة ، فلا يمكن أنْ توجد قوة إلا بحياة ، ولا سمع إلا بحياة ، ولا بصر إلا بحياة . وكلمة الحي تعني أن الله تعالى ليس من الأغيار ، فأنتم لكم وجود وحياة مرتبطة بهذا الوجود ، أما الحق سبحانه فحيٌّ بذاته ، الحيُّ صفة ذاته ، والمحيي صفة فعله ، وما دام الحيُّ صفة الذات فما بالذات لا يتخلف ، فهو حَيٌّ أي : لا يموت ، لكن صفة المحيي يقابلها صفة المميت فيُحيي هذا ويُميت هذا . لذلك قالوا : الاسم الذي له مقابل صفة فعل ، والاسم الذي ليس له مقابل صفة ذات فقالوا في الثناء عليه سبحانه : يا حي صفة ذاته ، ويا محيي صفة فعله ، وما بالذات لا يفوت ، وما بالفعل يحيا ويموت . وما دام أنه سبحانه حَيٌّ ولا إله إلا هو { فَـٱدْعُوهُ } [ غافر : 65 ] بشرط { مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } [ غافر : 65 ] يعني : حين تدعوه لا يكون في بالك غيره ، فإذا لم يكن في بالك غيره حين تدعوه كان معك واستجاب لك . نعم { فَـٱدْعُوهُ } [ غافر : 65 ] لأنه قيوم يقول لك : نَمْ واسترح لأن ربك قيُّوم لا ينام { لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ } [ البقرة : 255 ] وكأنه سبحانه بيدلع مَنْ آمن به { فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } [ غافر : 65 ] فإياك أنْ تقول : توكلت على الله وعليك ، أو توكلت على الله ثم عليك ، هذا كله كذب ، استكفِ بالله وكفى به وكيلاً . وحين تدعوه مخلصاً له الدين فقد وضعتَ أمرك في يد واحد ، هو الذي يملك أنْ يفعل ، لا أنْ تذبذبه في يد مَنْ لا يستطيع ، ثم لاحظ في الدعاء أن ربك أعطاك واستجاب لك قبل أنْ تدعو ، بل وقبل أن تعرف الدعاء ، بل وأعطاك قبل أنْ توجد أصلاً ، إذن : كل ما يريده منك هو إظهار ذل العبودية لعِزِّ الربوبية . { ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ غافر : 65 ] يعني : احمدوا الله أنْ تفضَّل عليكم بكلِّ هذه النعم بداية ، أوجدكم من عدم وأمدكم من عُدْم ، إلى أنْ ينتهي بكم المطاف في الجنة إنْ شاء الله لذلك ساعة ندخل الجنة نقول كما قال سبحانه : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ يونس : 10 ] .