Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 7-7)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هؤلاء هم الملائكة الذين خلقهم الله لتسبيحه سبحانه ، فلا عملَ لهم غير تسبيح الله وهم حملة العرش ومَنْ حوله . والتسبيح كما قلنا من المقاليد ، ومعنى { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ … } [ غافر : 7 ] أي : يُنزهونه سبحانه عن مشابهة خَلْقه في الأسماء والأفعال والصفات . لذلك قلنا : إذا اشترك الحق سبحانه مع خَلْقه في شيء فلا بدَّ أنْ نأخذه في إطار { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ … } [ الشورى : 11 ] . فلله فعل ولك فعل ، لكن لا تَقِسْ فعلك بفعل ربك سبحانه ، وهذه المسألة أوضحناها في شرح أول سورة الإسراء ، فلما كان الحدث مُستغرباً بدأ الله تعالى السورة بالتسبيح { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ … } [ الإسراء : 1 ] قالها بداية حتى لا نقيس فعل الله على فعل البشر ولا قدرة الله بقدرة البشر ، فلله تعالى فعل ولك فعل ، لكن فعل الله ليس كفعلك ، فإياك أنْ تقول المسافة والزمن . وكلمة سبحان الله تعني تنزيه الله تعالى عن كل ما يشبه البشر ، لذلك قالوا : كلُّ ما يخطر ببالك فالله خلاف ذلك ، وهذا التنزيه ليس طارئاً بوجود مَنْ ينزه الله إنما هو أزليّ قبل أنْ يخلق الله مَنْ ينزهه ، فهو سبحانه مُنزَّه في ذاته قبل أنْ يوجد مَنْ ينزهه . لذلك لما وُجدَتْ السماء والأرض قال : { سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ … } [ الحديد : 1 ] أي : سبَّحوا الله ساعة خُلِقوا فقالوا : سبحان الله الخالق العظيم ، ولا يزالون يُسبِّحون ، كما قال : { يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ … } [ الجمعة : 1 ] فالتسبيح موصول دائم ، فإذا كان الكون كله سبَّح لله ولا يزال يُسبِّح ، والكون مخلوق لك أيها الإنسان فأنت أَوْلَى بالتسبيح منه ، لذلك قال : { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } [ الأعلى : 1 ] . وتسبيح الله تنزيه له سبحانه في أفعاله وفي صفاته ، فحين تتأمل مثلاً مسألة الخلق تجد خَلْق الإنسان من طين ، فهل يمكنك أنْ تأخذ قطعة من الطين فتُسويها على هيئة إنسان ثم تنفخ فيها أنت الروح ؟ هذه العملية لا يقدر عليها إلا الخالق سبحانه . لذلك سيدنا عيسى عليه السلام لما أراد الله أنْ يجعل له آية ومعجزة في مسألة الخَلْق قال : { أَنِيۤ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ ٱللَّهِ … } [ آل عمران : 49 ] فقال في نفخ الروح { بِإِذْنِ ٱللَّهِ … } [ آل عمران : 49 ] لأنه بذاته لا يستطيع هذه العملية ، إنما كوني أُصوِّر تمثالاً على هيئة إنسان أو طائر فهذه مسألة سهلة . إذن : كان عليك أيها الإنسان الذي كرَّمه الله ، كان عليك أن تسبح ، لأن الكون والجماد الذي خلقه الله لك سبَّح وما يزال . وقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ … } [ غافر : 7 ] هم الملائكة حملة العرش . إذن : العرش محمول ، وهؤلاء الملائكة حتى عددهم فيه إعجاز ، فالحق سبحانه أخبر أنهم ثمانية { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } [ الحاقة : 17 ] . فلماذا لم يجعلهم أربعة فيكون كما تعوّدنا في أيِّ بناء له أربعة أركان ، ولماذا لم يكونوا خمسة مثلاً . إذن : لابدَّ أن في هذا العدد بالذات حكمة وإعجازاً . وهذا الإعجاز العددي واضح أيضاً في قوله تعالى : { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } [ المدثر : 30 ] فلماذا تسعة عشر بالذات ؟ لماذا لم يجعلهم عشرين مثلاً ، هذا دليل على أن وراء هذا العدد حكمة ، وقد أخبر الله تعالى أن هذا العدد فتنة { وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلاَّ مَلَٰئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ … } [ المدثر : 31 ] . والإيمان يقتضي التصديق بما أخبر به الحق سبحانه وألاَّ تناقش مثل هذه المسائل ، المهم قال أو لم يَقُل : حدث الشيء أو لم يحدث ، لذلك سيدنا أبو بكر لما أخبروه أن صاحبك يدَّعي أنه رسول ، ماذا قال ؟ قال : ألا وقد قالها ؟ قالوا : نعم ، قال : فقد صدق ولم يبحث في المسألة ، كذلك نحن في كل أمر يقف فيه العقل ، ما دام قد جاءنا فيه خبرٌ من عند الله فعلينا أنْ نقبله ونؤمن به { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } [ النساء : 87 ] . وكَوْن عقلك يستوعب هذا الخبر أو لا يستوعبه فهذا موضوع آخر ، لأن هناك فرقاً بين الوجود وكيفية الوجود ، فقد يوجد الشيء لكنك لا تعرف كيف وُجِد . تأمل في قصة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام حين قال : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي … } [ البقرة : 260 ] . تجد السطحيين في الفهم عن الله يتهمون القرآن في هذه المسألة بالتعارض ، كيف ؟ يقولون : معنى بلى يعني آمنت والإيمان يقتضي اطمئنان القلب إلى العقيدة ، فلماذا يقول بعدها : { وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي … } [ البقرة : 260 ] ؟ ونقول له : أنت معذور ، لأنك لم تفهم معنى السؤال ، ولو فهمتَ معناه ما اتهمتَ القرآن ، هل قال إبراهيم لربه : أتحيي الموتى أم قال { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي … } [ البقرة : 260 ] فهو إذن لم يسأل عن إمكانية الفعل ولم يشُكّ في قدرة الله ، ولكنه يسأل عن الكيفية { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ … } [ البقرة : 260 ] إذن : فإحياء الموتى أمر سابق يسأل إبراهيم عن كيفيته ، فلو قلت لك : كيف بنيتَ هذا البيت ؟ فهذا يعني أن البيت قائم بالفعل . إذن : فقوله بَلَى يعني : آمنت يا رب أنك تحيي الموتى ، وطلب الاطمئنان بعد ذلك للكيفية والسؤال عن الكيفية أمر ضروري في مسألة الخَلْق وكيفية الإيجاد لأنها عملية لا تتأتى كلاماً ، لأن فِعْل الله تعالى ليس علاجاً كفعل البشر . فلو قلت لك : كيف بنيت هذا البيت ؟ تقول : حفرتُ الأساس وأحضرتُ الحديد والأسمنت وفعلتُ كذا وكذا ، فلان صمم ، وفلان نفّذ ، وفلان بنى ، وفلان غفق … إلخ فأعطيك كيفية الفعل بحيث تستطيع تطبيقها إنْ أردت ولا تجد فيها اختلافاً ، لكن إنْ أردنا أنْ نُبين كيفية الإحياء ، فكيف نبنيها ؟ إنها مسألة لا تتأتى بالكلام ، ولا بدّ من إجراء العملية بالفعل ، وتأمل أن الله تعالى أراد أن يُجريها إبراهيم بنفسه ، وألاَّ تجرى له إنما يمارسها بنفسه . وفَرْقٌ بين أنْ تُعدِّى قدرتك لغيرك فتنفعل له ، وأنْ تُعدِّى قدرتك لغيرك فتجعله يفعل بنفسه ، فمثلاً قد تعجز عن حمل شيء فأحمله عنك وهذا أمر طبيعي ، لكن العظمة في أن أجعلك تقدر أنت بنفسك عن حمله . وهذا ما فعله الحق سبحانه مع نبيه إبراهيم عليه السلام : { قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ … } [ البقرة : 260 ] أي : ضُمهن إليك واعرف أوصافهن { ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا … } [ البقرة : 260 ] يعني : اذبحهن وفرِّقْ أجزاءهن على الجبال { ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً … } [ البقرة : 260 ] . إذن : هو الذي يذبح ، وهو الذي يُقطِّع الأجزاء ، وهو الذي يُفرِّقها ، وهو الذي ينادي عليها بنفسه فتتجمع بقدرة الله ويأتينَ سَعْياً كما كُنَّ من قبل ، فإذا كنت أقدرت ما لا يقدر على القدرة ألا أقدر أنا عليها ؟ والعرش هو سمة استتباب الملْك والسيطرة على الحكم والاستيلاء عليه ، وليس من الضروري أنْ يقعد على العرش بالفعل ، لذلك لما تكلم الهدهد عن ملكة سبأ قال : { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } [ النمل : 23 ] لأن الملك لا يقعد على العرش إلا عندما تستقر له الأمور ، وتدين له البلاد ، فإنْ كانت هناك منطقة معترضة أو مشاغبة للملك تفرغ لها حتى تدين له ، وعندها يستقر له الملْك . ولما تكلم الحق سبحانه عن استوائه على العرش قال سبحانه : { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ * ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ * فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا … } [ فصلت : 9 - 12 ] . إذن : فاستواؤه سبحانه على العرش جاء بعد أن انتهى من الخَلْق وتَمَّ له كل شيء من أمور الملك والسيطرة الكاملة . فقوله سبحانه : { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ … } [ غافر : 7 ] هم الملائكة الثمانية حملة العرش . { وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ … } [ غافر : 7 ] وهؤلاء نوع آخر من الملائكة ، وهم الكروبيون الذين لا عملَ لهم إلا تسبيح الله ، وليس في بالهم هذا الكون كله ، ولا يدرون عنه شيئاً ، فقط { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ … } [ غافر : 7 ] . لكن هؤلاء الكروبيين الذين يحيطون بالعرش ويُسبِّحون الله ولا عملَ لهم غير ذلك ، هل يروْنَ الله سبحانه وهو على العرش ؟ قال علماؤنا رحمهم الله : أنهم رغم منزلتهم هذه إلا أنهم لا يروْنَ الله تعالى ، وأظهر هذه الأقوال قول الفخر الرازي رحمه الله ، فلما تكلم في هذه الآية { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ . . } [ غافر : 7 ] استأنس برأي صاحب الكشاف الذي سبقه وقال : إن معنى { وَيُؤْمِنُونَ بِهِ … } [ غافر : 7 ] أنهم لا يرونه سبحانه لأن المشهديات ليس فيها إيمان ، الإيمان للغيبيات ، فلو أنهم شهدوا الله وهو على العرش ما قال في حقهم { وَيُؤْمِنُونَ بِهِ … } [ غافر : 7 ] ثم قال الفخر الرازي : ولو لم يكُنْ للإمام صاحب الكشاف إلا هذه لكفتْهُ طيلة حياته ، هذا مع ما بين الإمامين من خلاف في الرأي . إذن : لا نفهم من مكانة هؤلاء الملائكة وقربهم من ذي الجلال سبحانه أنهم يروْنَه ، لا بل هو سبحانه بالنسبة لهم غيب لا يرونه ، يؤكد هذا قوله سبحانه { وَيُؤْمِنُونَ بِهِ … } [ غافر : 7 ] فأنت الآن في هذا المجلس لا تقول مثلاً : آمنتُ بأن الشيخ الشعراوي جالس وحوله مُحبِّوه ويتكلم في كذا وكذا ، لأن ما نحن فيه الآن مشهد لا دخْلَ للإيمان فيه ، الإيمان لا يكون إلا بأمر غيبي وهذه ميزة الإيمان ، لذلك كثيراً ما يتكرر قوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ … } [ البقرة : 3 ] . وسبق أنْ ضربنا مثلاً قلنا : هَبْ أنني أخاف من اللصوص فأخذت مالي الذي أخاف عليه وذهبتُ إلى مكان بعيد في الحديقة مثلاً ووضعت المال وفوقه حجر ثقيل ، ولما احتجتُ لهذا المال ناديتُ العامل : يا فلان ارفع هذا الحجر ، فقال : لا أستطيع وحدي فهو ثقيل ، فقلت له : تدري ماذا تحت هذا الحجر ؟ تحته المال الذي سأعطيك منه راتبك ، عندها يتقدم إلى الحجر ويرفعه ، إذن : المهم ليس إطاعة الأمر الذي عُلِم منفعته ، إنما إطاعة الأمر وهو غيب عنك . ومعنى { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ … } [ غافر : 7 ] أي : تسبيحاً مقروناً بالحمد ، لأن التسبيح ثناءٌ على الله ، أما الحمد فشكرٌ لله على نعمه التي سبقتْ ، ومن أجلِّ النعم أنه سبحانه لا يشبهه شيء ولو وجد له شبيه لحدثَ تعارض في الكون : { إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ … } [ المؤمنون : 91 ] فهو وحده المعبود ، وهو وحده المستحق للحمد . ثم بعد ذلك { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ … } [ غافر : 7 ] أي : أن هؤلاء الملائكة من ضمن مهمتهم أنهم يستغفرون للمؤمنين ، كما حكى عنهم القرآن يقولون : { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } [ غافر : 7 ] . هذا من دعاء الملائكة للذين آمنوا ، والدعاء عادة بـ ربنا محذوف الياء التي للنداء فلم يقُلْ : يا ربنا لأن النداء بالياء يدل على بُعْد المنادَى ، أما الأبعد فيُنادى بأيا ، والقريب يُنادى بالهمزة مثل : أمحمد . أما الحق سبحانه وتعالى فهو من القرب بحيث لا نستخدم في ندائه أيَّ حرف من حروف النداء ، لأنه أقربُ لعبده من حبل الوريد ، لذلك نناديه سبحانه مباشرة ربنا ، ولك أنْ تستقرئ القرآن كله فلن تجد في ندائه سبحانه حرفاً من أحرف النداء . حتى الكفار لما نادوا الحق سبحانه قالوا : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ … } [ الأنفال : 32 ] ومعلوم أن الميم في آخر لفظ الجلالة هنا عِوَضٌ عن ياء النداء ، فلم يقولوا : يا الله إنما قالوا : اللهم . ثم يتابع الحق سبحانه ذكر دعاء الملائكة للذين آمنوا ، فيقول : { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ … } .