Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 82-82)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا سير كما قلنا للاعتبار ، والاعتبار هنا بمَنْ سبقهم من الأمم ، يُبين لهم الحق سبحانه أنْ مَنْ سبقكم من الأمم المكذِّبة كانوا أكثر منكم عدداً ، وأشدّ منكم قوة وآثاراً في الأرض ، والآثار هي ما يتركه القوم بعدهم كالأهرام بالنسبة للفراعنة ، مثلاً يبقيها اللهُ شاهدةً عليهم . وهناك آثار أخرى لم نَرَها لأنها مطمورة ، لكن أخبرنا الله عنها كما في قوله سبحانه : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ * ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } [ الفجر : 6 - 8 ] هذه آثار باقية { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الصافات : 137 - 138 ] . فأين أنتم أيها العرب من هذه الحضارات الذاهبة ؟ لقد كان عليكم أن تفهموا الدرس من السابقين الذين كذَّبوا الرسل وعاندوهم ، أخذهم الله وهم أقوى منكم وأشدّ ونصر رسله ومنهجه ، وأنتم دون هؤلاء ولن تُعجزوا الله ، بل إن مسألتكم أسهل . وقوله : { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ غافر : 82 ] يعني : هذه الحضارات وهذه العمارة التي تُعدُّ إعجازاً لم نصل إلى سِرِّه حتى الآن ، لم تنفع أصحابها . ولنتكلم عن آثارهم في مصر مثلاً ، عندنا آثار الفراعنة في المعابد وفي الأهرام ، رأينا الألوان على الجدران كما هي وكأنها منقوشة في العصر الحديث ، رأينا بعض الحبوب كما هي وقالوا إنها صالحة للإنبات بعد هذه الآلاف من السنين ، وتعلمون ما في بناء الأهرام من الأسرار التي لم نتوصل إليها حتى الآن . كل هذا التقدم لم يستطع أصحابه حمايته ، ولم يستطيعوا الإبقاء على هذه الحضارة ، ولا حتى استطاعوا أنْ يتركوا لنا ما يُفسِّرها ، ولولا شامبليون فكَّ لنا رموز حجر رشيد لما استطعنا التوصل إلى هذا التاريخ ولا معرفته .