Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 81-81)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني { آيَاتِهِ } في هذه المخلوقات ، وآياته في البحر حين تركبون السفن وتروْنَ عوالمَ أخرى في البحر ، وآيات هي أعظم مما تروْنَهُ على البر . والآن وبعد التقدم العلمي الحاصل رأيناهم يصنعون للفُلْك نوافذ من زجاج تحت سطح الماء ، ويصنعون زوارق زجاجية تُمكِّنك من رؤية الأعماق وما فيها من بديع صُنْع الله وآياته الدالة على قدرته ، لدرجة أنك تقول : سبحان الله ، كيف يكفر الكافر بعد رؤية هذه العوالم ؟ كذلك حين تركب الإبل في البر وتنتقل بها عَبْر المسافات ترى كثيراً من آيات الله في كونه ، في الجمل الذي تركبه والصحراء والجبال التي تمر بها ، في كل ما حولك ترى آية ، لذلك تجد الحق سبحانه وتعالى يطلب منَّا السير في الأرض . فيقول سبحانه : { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ … } [ النمل : 69 ] . ويقول سبحانه في موضع آخر : { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ ٱنْظُرُواْ … } [ الأنعام : 11 ] . فكأن السير في الأرض لاعتبارين : السير في الأرض للاعتبار فانظروا والسير في الأرض للتجارة والاستثمار فقال لكم : سيروا في الأرض وابتغوا الرزق والاستثمار ، لكن لا تحرموا أنفسكم لذَّة الاعتبار والتأمل في بديع خلق الله ، فقال : { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ ٱنْظُرُواْ … } [ الأنعام : 11 ] ومعلوم أن الفاء للترتيب والتعقيب ، وثم للترتيب والتراخي . وقوله : { فَأَيَّ آيَاتِ ٱللَّهِ تُنكِرُونَ } [ غافر : 81 ] يعني : هذه الآيات التي ترونها أيها تنكرون ، وكيف تنكرونها وهي واضحة الدلالة على قدرة الله ، كما قال سبحانه في سورة الآلاء الرحمن : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 13 ] كررها الحق سبحانه بعد كل نعمة من النعم ، والمراد أنها آيات لا ينبغي أن تُكذَّب ، ولا ينبغي أنْ تُنكَر . لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته : " لقد قرأتُ سورة الآلاء على إخوانكم الجن ، فكانوا أحسن استجابةً منكم ، كانوا إذا قرأتَ عليهم { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } نطقوا جميعاً : ولا بشيء من نعمائك ربنا نكذب " . وجاء بلفظ أي للمذكر مع أن آيات مؤنث ولم يقُلْ آية قالوا : لأنها مؤنث مجازى جاء بصيغة الجمع ، فيجوز فيه التذكير ، كما في قوله تعالى : { فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي … } [ الأنعام : 78 ] فقال : هذا مع أن الشمس مؤنث .