Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 22-22)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني : لقد فاتكم شيء هام ما تنبهتم إليه ، وهو أنكم كنتم تستترون عن الخَلْق أنْ يراك أحد حال المعصية ، ونسيتم أن الله مُطَّلع عليكم يراكم ويرقب أفعالكم وما كنتم تستترون عن أنفسكم وجوارحكم ، وغاب عنكم أن الجوارح شاهدة عليكم يوم القيامة . فاليد التي ضربتَ بها ، والرِّجْل التي سعيتَ بها ، واللسان والأذن والعين ، كل الجوارح ستأتي شاهدة عليك يوم القيامة ، هذه الجوارح التي أمرها الله أنْ تنفعل لمراداتك في الدنيا وتطيعك في كل ما تريد ستتحرر من هذا القيد يوم القيامة ، فلا يكون لك سلطان عليها ، ساعتها ستشهد عليك . فإنْ أطاعتك في المعاصي في الدنيا ، لأن الله سخرها لك فقد أطاعتك وهي كارهة لفعلك بريئة منه ، أما وقد عاد الجميع إلى الله ، وصار الملْك كله لله { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [ غافر : 16 ] فلا عجبَ إذن أنْ تشهد عليكم جوارحكم ، وأنْ تكون خصماً لكم أمام خالقها عز وجل . وسبق أنْ مثَّلْنا لهذه المسألة بقائد الكتيبة في الجيش يأمر جنوده فيأتمرون بأمره ينفذون الأوامر حتى لو كانت خاطئة ، حتى إذا ما جاءوا إلى القائد الأعلى شكوْا إليه تعسُّف القائد المباشر ، وقالوا : فعل بنا كذا وكذا . كذلك جوارح الإنسان أمرها الله أنْ تطيعه حتى في المعصية ، وأنْ تنفعل لمراداته ، فجوارحك تطيعك في كل شيء تريده ، في الخير وفي الشر . وقوله : { وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [ فصلت : 22 ] الحق سبحانه وتعالى يقول في حديث قدسي : " يا عبادي إن كنتم تعتقدون أني لا أراكم فالخلل في إيمانكم ، وإن كنتم تعتقدون أني أراكم فَلِمَ جعلتموني أهون الناظرين إليكم " إذا كنتَ لا تستطيع أنْ تفعل في إنسان مثلك عملاً يسوؤه على مرأى ومسمع منه عيني عينك هكذا ، فكيف تفعلها مع الله عز وجل ؟