Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 41-42)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الكفر هنا بمعنى الستر أي : ستر الإيمان بواجب الوجود ، لأن الستر يقتضي مستوراً ، فما هو المستور في عملية الكفر ؟ الكفر يستر مقابله ، يستر الإيمان ، فكأن الإيمان أمرٌ فِطْري وهو الأصل والكفر طارئ عليه ليستره ، وكأن الكفرَ بهذا المعنى جُنْد من جنود الإيمان ودليلٌ عليه . وكلمة { بِٱلذِّكْرِ … } [ فصلت : 41 ] هنا بمعنى القرآن الذي نزل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [ الحجر : 9 ] ويُطلق الذكر أيضاً على الكتب السابقة على القرآن : { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } [ النحل : 43 ] . وقال تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ } [ الأنبياء : 48 ] ويُطلق الذكر ويُراد به الصِّيت والمنزلة . { وَإِنَّهُ } [ الزخرف : 44 ] أي : القرآن { لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ … } [ الزخرف : 44 ] وقال سبحانه : { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ … } [ الأنبياء : 10 ] . ويُطلق الذكر على تسبيح الله : { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِي ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلاَةِ … } [ المائدة : 91 ] . ويُطلق الذكر على ذكر الله بالطاعة ، وذكر الله للعبد بالفيوضات والمغفرة : { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ … } [ البقرة : 152 ] . وقوله سبحانه : { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } [ فصلت : 41 ] كلمة عزيز لها معَانٍ منها العزيز أي : النادر الثمين ، والعزيز : الغالب الذي لا يُغلب . ومنه قوله تعالى : { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } [ آل عمران : 4 ] فالقرآن غالبٌ يعلو ولا يُعْلَى عليه ، يأخذ بالقلوب ويستولي عليها ، بدليل قولهم : { لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } [ فصلت : 26 ] . ذلك لأن الذي يسمع كلام القرآن ، لا بُدَّ أنْ ينبهر به شريطة أنْ يستقبله بقلب صَافٍ ووجدان غير جامد ، فإنْ صادف حُسْنَ الاستقبال كان له هذا الأثر الذي رأيناه في قصة إسلام سيدنا عمر رضي الله عنه ، وكان من ألدِّ خصوم الإسلام إلى اللحظة التي عَلِم فيها بإسلام أخته وزوجها ، فجاء إليها ولطمها حتى سَالَ الدَّمُ من وجهها ، فكان هذا الدمُ سبباً في رِقَّة قلبه رِقَّةً غلبتْ جهله ، فلما سمع القرآنَ منها سمعه هذه المرة بقلب ومواجيد وعاطفة صافية فتأثر به وأسلم . إذن : فالقرآن عزيز غالب ، لذلك ورد في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، فإن المُنبتَّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى " . وقال : " ولن يُشَادَّ الدِّين أحدٌ إلا غَلَبه " . فإذا أردتَ أنْ تختار بين أمرين أو توازن بينهما ينبغي أن تكون خاليَ الذِّهْن تماماً وتُخرِج ما في قلبك من هَوىً لأيِّهما ، ثم تُوازن بينهما ، فما ارتحتَ له فامْضِ فيه ، لذلك قال تعالى : { مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ … } [ الأحزاب : 4 ] . إذن : هو قلب واحد ، إنْ عُمر بالشر كيف يستقبل الخير ؟ لابد أنْ تُخرِج الشر أولاً لأن الشر سيطرد الخير . يقول تعالى عن تلقِّي المنافقين والكافرين للقرآن : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً … } [ محمد : 16 ] يعني : كأنهم لم يتأثروا به ولم يفهموه ، أي : كِبْراً وعناداً ، فردَّ الله عليهم { قُلْ هُوَ … } [ فصلت : 44 ] أي : القرآن { لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى … } [ فصلت : 44 ] . فالقرآن واحد ، لكن أثره مختلف باختلاف المتلقي ، فهو هدى وشفاء لأهل الإيمان ، وعَمىً لأهل الكفر والنفاق . إذن : الحق سبحانه يريد منَّا عدالة الاختيار وعدالة البحث والموازنة بين الأمرين ، فإنْ توفَّرتْ هذه العدالة فالقرآن غالبٌ لا محالةَ ، القرآن لا يزاحمه ولا ينافسه شيء إذا استُقبل الاستقبالَ السليم ، حتى في الأمور التي يقف فيها العقل تجد الوجدان يصدقها . لذلك قلنا : إن واردَ الرحمن لا يطارده واردُ الشيطان ، وهل عارضت أم موسى وارد الرحمن لما قال لها : { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ … } [ القصص : 7 ] العقل لا يقبل هذا ، لكن يقبله الوجدان الصافي ، والذين سمعوا القرآن فلم يتأثروا به ولم يثمر في أنفسهم ثمرته ، إنما استمعوه وهم مشغولون بضده . فنحن إذن في حاجة إلى عدالة الاختيار ثم حماية الاختيار ، لذلك نقول في الرد على مَنْ يدَّعي أن الإسلام نُشِر بحدِّ السيف ، هذا غير صحيح ، فالسيف في تاريخ الإسلام ما جاء ليفرض عقيدة ، إنما جاء لحماية الاختيار ، وحماية حرية الدين في الإعلان عن نفسه ، وحرية العقيدة أمر كفله الإسلامُ بدليل أنه ترك في بلاد الإسلام ناساً على كفرهم وعلى ديانتهم ، وقال : { فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ … } [ الكهف : 29 ] . ولأن الإسلام انطلق من حرية الاعتقاد وجعل الدين اختياراً حكَمَ على المرتد بالقتل ، والعجيب أن أعداء الإسلام يأخذون هذه المسألة مطعناً في دين الله ، ويقولون : إن الإسلام يحارب حرية الاعتقاد ويُجبر الناس على اعتناقه . وهذا اتهام باطل ، فالمتأمل يجد أنَّ الإسلام يعلن هذا الحكم لمن لم يؤمن بَعْد ، يقول له : انتبه قبل أن تدخلَ الإسلام ، ولاحظ أنك تُقتل لو ارتددتَ عنه ، وهذه عقبة في طريق الإسلام تُمحِّص أهله بحيث لا يُقبل عليه إلا مَنْ اقتنع به واستقرَّ الإسلام في قلبه بلا منازع ، فالحكم بقتل المرتد يحمي إقبالك على الاختيار ويُنبهك ، فإما أنْ تنصرف ، وإما أنْ تعرف أنه الحق فتؤمن به . وقوله تعالى : { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ … } [ فصلت : 42 ] يعني : لا يأتيه الباطل من أيِّ جهة لذلك حاول المستشرقون أنْ يتلمسوا في القرآن مأخذاً … وهيهات لهم ذلك … فوقفوا مثلاً عند قوله تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ … } [ الأنعام : 151 ] وفي موضع آخر قال سبحانه : { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم … } [ الإسراء : 31 ] . ورأوا أن في الموضعين تكراراً فقالوا : إذا كان القرآن بليغاً فأيُّ الآيتين أبلغ ؟ وإنْ كانت إحداهما بليغة فالأخرى غير بليغة ، وهؤلاء يفتقدون الملَكة التي تساعدهم على فَهْم كلام الله واستقبال هَدْيه ، ولو نظروا إلى السياق لوجدوا أنَّ الآيتين مختلفتان موضوعاً ، فليس فيهما تكرار وكُلٌّ منهما بليغة في التعبير عن موضوعها . فقوله تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ … } [ الأنعام : 151 ] فكأن الفقر موجودٌ عنده ، فهو مشغول أولاً برزق نفسه قبل أنْ يُشغَل برزق أولاده ، لذلك ذُيلَتْ الآية بقوله سبحانه : { نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ … } [ الأنعام : 151 ] أما في الأخرى فقال { خَشْيَةَ إِمْلاقٍ … } [ الإسراء : 31 ] يعني : الفقر غير موجود لكن يخشاه حين يأتيه الولد ، فطمأنه الله أن الولد سيأتي ومعه رزقه ، فقال : { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم … } [ الإسراء : 31 ] إذن : فكلُّ آية بليغة في موضعها . كذلك وقفوا عند قوله تعالى في سورة البقرة : { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَٰعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ } [ البقرة : 48 ] وفي الآية الأخرى : { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } [ البقرة : 123 ] . النظرة المتعجلة لا ترى فرقاً بين الآيتين ، لكن المتأمل وصاحب الملَكة اللغوية يلحظ الفَرْق ، فالآيتان تتحدثان عن نفسيْنِ : نفس جازية ، ونفس مجزي عنها . النفس المجزيّ عنها تعترف بذنبها وتقول : خذوا العدل واتركوني ، فنقول لها : لا ، فتذهب إلى مَنْ هو أكبر منها ليشفع لها . إذن : عُرِضَ العدل أولاً ، فلما لم ينفعها عُرِضَتْ الشفاعة . أما النفس الجازية وهي الشفيع ، أول ما يقف بين يدي الله تعالى يقول : يا رب أنا أشفع في فلان ، فإذا لم تقبل شفاعتي فيه فخُذ العدل مني ، إذن : فكُلُّ آية بليغة في موضعها ، لكن ماذا نفعل مع هؤلاء الذين لا يفهمون عن الله ولا يحسنون التلقي ، ومع ذلك يتهمون كلام الله ؟ ! يقولون : ربكم قال كذا وكذا ، نعم هو ربنا والحمد لله ، وكنا نحب أنْ يكون ربكم أيضاً . ومن الآيات التي وقفوا عندها أيضاً قوله تعالى : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } [ الصف : 8 ] يقولون : أين ظهور الإسلام على الدين كله وبعد أربعة عشر قرناً من الزمان ما يزال في العالم يهود وملاحدة ومسيحيون وغير ذلك من الديانات . وهذا القول أيضاً يدل على عدم فهمهم لآداء القرآن الكريم ومعانيه . ومعنى { لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ … } [ الصف : 9 ] لا تعني أن يصبح الناسُ جميعاً مسلمين ، لأن معنى الظهور هنا ظهور حجة يعني : يعلن حجته القوية ، وبعد ذلك لهم الحرية يؤمن مَنْ يؤمن ، ويكفر مَنْ يكفر ، هذا موضوع آخر . ولو كنتَ تقرأ القرآن ببصيرة لعرفتَ أن ظهور الإسلام على الأديان الأخرى سيكون مع بقاء الشرك والكفر بدليل لفظ الآية ، فمرة قال سبحانه : { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ } [ الصف : 9 ] ومرة { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } [ الصف : 8 ] . إذن : فهما موجودان مع الإسلام ، ويكفي في ظهور الإسلام على الأديان الأخرى أنهم يُضطرون للأخْذ بقضاياه وأحكامه وهم غير مسلمين ، وتُلجئهم ظروفهم الحياتية فلا يجدون حلاً إلا في الإسلام ، وهذه هي العظمة في الظهور . تعلمون أن الفاتيكان كانت تعارض مسألة الطلاق التي جاء بها الإسلام ، لكن مع مرور الوقت وكثرة المشاكل عندهم اضطروا إلى العمل به كحلٍّ لقضاياهم ، أخذوا حكم الإسلام وهم غير مسلمين . إذن : صدق الله : { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً } [ النساء : 82 ] هذه الآيات وغيرها تدلنا على سلامة كلام الله وخُلوِّه من الباطل ومن الاختلاف { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ … } [ فصلت : 42 ] لأن الباطل لا يأتي إلا إذا كان المتكلم غير مُحِقٍّ ، والذي يتكلم بالقرآن مَنْ ؟ الله . لذلك قال بعدها { تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [ فصلت : 42 ] وحكيم وحميد فعيل من صيغ المبالغة من الحكمة والحمد ، الحكمة تقتضي وضع الشيء في موضعه المناسب ، والحمد يعني أنه تعالى يُحمد على كل أفعاله ، وكُلِّ قضائه ، وكل قدره ، فالحمد لله موصول أوله بآخره . لذلك قلنا في قوله تعالى : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الفاتحة : 2 ] أن من رحمته تعالى بنا أنْ علَّمنا صيغة حمده على نعمائه ، فجاء بها بصيغة المبتدأ والخبر الحمد لله لأنه سبحانه لو لم يضع لعباده صيغة الثناء عليه سبحانه لاختلف فيها العباد ، وتفاوت فيها الناس ، ولكان للأديب البليغ ثناءٌ لا يقدر عليه الأُمِّي وراعي الغنم . لو كان الأمر في هذه المسألة متروكاً لقدرات الناس لم يكُنْ هناك تكافؤ فرص في حمد الله ، إذن : من رحمته سبحانه بنا أنْ قال لنا ارفعوا أيديكم عن الصيغة وأنا أضعها لكم ليستوي في حمدي والثناء عليَّ جميع خَلْقي ، فالكل يقول كلمة واحدة الحمد لله فقط ، ولا أريد منكم أكثر من ذلك . لذلك علَّمنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول في الثناء على الله : " سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك " فالذي تعلَّم هذه الصيغة الحمد لله وهُدِي لأن يقولها ينبغي أنْ يَحمد الله عليها ذاتها ، يحمد الله أنْ علَّمه كيف يحمده ، وهكذا يظل الحمد من العبد لله تعالى موصولاً ، ويظل العبد حامداً لربه حمداً لا نهاية له . وكلمة { تَنزِيلٌ } [ فصلت : 42 ] ساعة تسمعها تشعر أنه مُنزَّل من أعلى ، حتى وإن كان المنزَّل من مادة الأرض ، كما في قوله سبحانه في سورة الحديد : { وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } [ الحديد : 25 ] فالحديد وإنْ كان في الأرض لكنه مُنزل من عُلو القدرة الخالقة لخدمة العباد في الأرض . ثم يُعزِّي الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم ويُخفَّف عنه ما يلاقي من عَنَتِ وعناد المشركين ، فيقول تعالى : { مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ … } .