Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 19-19)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
معنى { لَطِيفٌ … } [ الشورى : 19 ] أي رفيق في معاملة العباد ، يعفو عن الكثير ولا يُؤاخذ عبده بأول جريمة لذلك لما جاءوا بامرأة سرقتْ في عهد عمر . قالت له : والله ما سرقت قبل ذلك وهذه أول مرة ، فقال لها : كذبت ما كان الله ليفضحك من أول جريمة . ويقول عز وجل : { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } [ الشورى : 30 ] يعني : عن كثير من سيئاتكم ولا يؤاخذكم إلى على البادي منها . ومن معاني اللطيف أنه الدقيق الذي يتغلغل في الأشياء ، وسبق أنْ قلنا في الماديات : إن الشيء كلما دَقَّ وصَغُر عَنُف وصَعُب التحصُّن منه ، ومثَّلنا لذلك بمَنْ بنى بيتاً في الخلاء ووضع على الشبابيك شبكةً من الحديد تمنع الذئاب والوحوش ، ثم وجد في البيئة ذباباً وناموساً فجاء بشبكة أخرى أدق وأضيق . وهكذا ، فمن صفاته تعالى أنه لطيف يعني : لا يحتجب دونه شيء ، ولا يخفى عليه شيء مهما دَقَّ ومهما صَغُر ، ونحن نقول للإنسان المهذَّب صاحب الخُلُق : فلان لطيف يعني ليِّن في التعامل . فمن لطفه سبحانه بنا أنْ جعل لنا توبةً مقبولة ، وجعل لنا مواسم للعبادة تُضَاعف فيها الحسنات وتُمحى السيئات ، وكأنها أوكازيونات للطاعة وتحصيل الحسنات ، من لطفه تعالى بنا أنْ جعل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، أما السيئة فواحدة . وقوله تعالى : { يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ } [ الشورى : 19 ] يرزق لأنه الخالق ، وهو سبحانه الذي استدعى هذا الخلق لذلك تكفل له برزقه ، وهو سبحانه القوي لأن اللطف لا يكون إلا من قوة ، وهو سبحانه العزيز الغالب الذي لا يمتنع عنه شيء ولا يغلبه شيء .