Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 20-20)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى السطحي لكلمة الحرث هي حرث الأرض بالمحراث وإثارتها لبذر النبات فيها ، ذلك لأن النبتةَ الصغيرة لا تقْوى على شَقِّ التربة الجامدة فنشق لها التربة ليسهل عليها النمو ، ثم هي في حاجة إلى الهواء ، والحرث يُقلِّب التربة ، ويجعل الهواء يتغلغل فيها . ولما كان الحرث هو سبب الثمرة سُمِّي بها ، فالحرث معناه الثمرة المرجوة من الزرع ، ومنه قوله تعالى : { وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ } [ البقرة : 205 ] وقوله تعالى : { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي ٱلْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ … } [ الأنبياء : 78 ] أي : في الزرع . فمعنى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ … } [ الشورى : 20 ] يعني : ثوابها الدائم ونعيمها الخالد في جنات عدن ، فالحق سبحانه يوضح لنا الأمور الدينية بصور من واقع حياتنا ليُقرِّبها للأذهان ، اقرأ مثلاً : { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ المؤمنون : 1 ] أفلح مَن أفلح الأرض إذا حرثها وأعدَّها للزراعة ، فهو يوشك أنْ يجني الثمرة ، كذلك المؤمن فاز بالثواب الدائم والنعيم المقيم . { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ … } [ الشورى : 20 ] يعني : يجده في الآخرة أزيد مما كان ينتظر ، وأيضاً لا يُحرم من ثمرتها في الدنيا { وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا … } [ الشورى : 20 ] أي : من ثمرات الدنيا ، فالإنسان لا يُحرم ثمرةَ جهده وتعبه في الدنيا { إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } [ الكهف : 30 ] . فمَنْ عمل للدنيا لا يُحرم مُتعتها ولذَّتها ، لكن حين تُعجَّل له الطيبات في الدنيا يُحرَم منها في الآخرة { وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [ الشورى : 20 ] أي لا حظَّ له في ثواب الآخرة ، لأنه عمل في دنياه للجاه وللشهرة أو للغنى والثروة ، فطالما أخذ بأسباب الشيء يناله حتى لو كان كافراً بالله ، والمؤمن إنْ تكاسل وقعد عن السعي يُحرم لأنه لم يأخذ بالأسباب . والحق سبحانه لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً ، ومَنْ كان يريد حرث الدنيا لم يكُنْ الله أبداً في باله ، لذلك كثيراً ما يسأل الناس عن العلماء والمخترعين الذين خدموا البشرية باختراعاتهم واكتشافاتهم ، ما مصيرهم ؟ نقول : مصيرهم النار لأنهم عملوا للبشرية لا لله ، عملوا للشهرة وقد أخذوها في الدنيا .