Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 38-38)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ } [ الشورى : 38 ] أي : بالإيمان وهذه تمثل العقيدة { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } [ الشورى : 38 ] تمثل العمل والتطبيق . هذه آية من آيات كثيرة قرنتْ بين الصلاة والزكاة ، لأن بهما يستقيم حال المجتمع المؤمن ، الزكاة تنازلٌ عن بعض مالك للمحتاجين فأنت إذن تضحي فيها بالمال ، كذلك في الصلاة زكاةٌ أبلغ من زكاة المال ، لأنك في الصلاة تُضحِّي بالوقت الذي هو مجال العمل وسبب كسب المال . الجديد في هذه الآية في مسألة الجمع بين الصلاة والزكاة ذِكْر مسألة الشورى بينهما ، والمتحدِّث بهذا هو الحق سبحانه ، فلا بدَّ لنا أنْ نقف هنا ونتلمَّس الحكمة : لماذا جعل الشورى بين هذين الأمرين اللذين اجتمعا دائماً في آيات الذكر الحكيم ؟ نقول : معنى أقاموا الصلاة يعني : أدَّوْهَا على أكمل وجه ، وهذا يكون في جماعة المسجد ، فكأنه ينتهز فرصة الاجتماع هذه ويأمرهم بأنْ يكون أمرهم شورى بينهم ، والشورى لا تكون في أمر وصَّانا الله به ، ولا في أمر وصَّانا به رسوله صلى الله عليه وسلم ، إنما تكون في الأمور الخلافية التي لم يأت فيها نصٌّ ، فيكون الحكم فيها شورى بين أهل الاختصاص كما نرى في مسألة الفتوى . لذلك ندعو إلى أن تكون الفتوى جماعية لا فردية ، فلما تتناقش الجماعة لا بدَّ أنْ يصلوا إلى الصواب ، ولا مانع أن تدافع عن رأي الجماعة حتى لو كان لك رَأي مخالف . ثم تأمل { وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ … } [ الشورى : 38 ] ولم يقل : تشاور . فعبَّرَ بالمصدر ليؤكد أن أمرهم هو نفسه الشورى ، كما تقول : رجل عادل ورجل عَدْل ، فجعلته العدل ذاته ، وقد ورد أن الإمام علياً رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ترد علينا أمور لا نَرَى لله فيها حكماً ، ولا نرى لسنة نبيه فيها حكماً ، فماذا نصنع ؟ قال صلى الله عليه وسلم : اجمعوا العباد ، واجعلوها شورى ولا تقتدوا برأي واحد .