Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 46-46)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الكلام هنا عن يوم القيامة { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [ الشورى : 46 ] أي : يدفعون عنهم العذاب الذي حَلّ بهم { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } [ الشورى : 46 ] يعني : ما له من طريق للهداية لأن الله تعالى هو الذي يهدي ، يضع نموذجاً للهداية . وسبق أنْ بيّنا أن الهداية على ضربين : هداية الدلالة والإرشاد ، وهداية التوفيق والمعونة ، لذلك رأينا بعض المستشرقين يقفون أمام بعض الآيات يتهمون القرآن بالتعارض بين آياته ، ومن ذلك قوله تعالى : { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } [ فصلت : 17 ] وقوله تعالى : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } [ القصص : 56 ] وفي موضع آخر : { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الشورى : 52 ] . فأثبت الهداية مرة ونفاها مرة أخرى ، والخطاب هنا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واعتراض هؤلاء على أسلوب القرآن ناتج عن عدم فهمهم لكلام الله ، فالنفي والإثبات هنا لأن الجهة مُنفكة ، فمتعلق إثبات الهداية له معنى ، ومتعلق نَفْيها له معنى آخر . وسبق أنْ أوضحنا أن الهداية نوعان : هداية إرشاد وهداية معونة وتوفيق ، فرسول الله يملك هداية الإرشاد والدلالة ، ولا يملك هداية التوفيق والمعونة ، هذه بيد الله وحده يهدي إليه مَنْ يشاء . فقوله : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } [ القصص : 56 ] نفى عنه هداية التوفيق والمعونة لأنها لله تعالى ، وقوله : { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الشورى : 52 ] أثبت له هداية الإرشاد والدلالة . إذن : الجهة منفكة وليس هناك تعارض بين الموضعين . واقرأ مثلاً قوله تعالى مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } [ الأنفال : 17 ] في الفعل وأثبته في موضع واحد ، لأن الجهة أيضاً منفكة ، ولكل فعل منهما معنى . وكذلك في قوله تعالى : { وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } [ الروم : 6 - 7 ] يعني : لا يعلمون حقائق الأشياء إنما يعلمون ظاهرها . وفي واقعنا اليومي نستخدم هذا الأسلوب في نفي الفعل وإثباته في موضع واحد ، فلما ترى ولدك يفتح الكتاب وينظر في سطوره وهو منشغل عنه ، أو تسأله بعد المذاكرة فلا يجيب فتقول له : ذاكرتَ وما ذاكرتَ ، يعني : ذاكرتَ شكلاً ولم تذاكر موضوعاً أو مضموناً . ثم يقول الحق سبحانه : { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ … } .