Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 47-47)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هنا أمر بالاستجابة لأمر من ؟ لأمر الرب { لِرَبِّكُمْ } [ الشورى : 47 ] والرب هو الذي خلقك من عدم وأمدَّك من عُدْم ، وتولَّى تربيتك ورعايتك وتفضَّل عليك ، وهو سبحانه صاحب المنهج ومالك الجزاء وقادر عليه ، فإليه وحده المرجع والمآب . إذن : فهو حقيق بالاستجابة إذا أمر وأَوْلى بالطاعة ، فالعاقل هو الذي يسارع بالاستجابة لله تعالى . ونلاحظ هنا أن القرآن عبَّر بالاستجابة ، بدل الإجابة ، لأن الاستجابة فرع الطلب ، لذلك قال سبحانه : { وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ الشورى : 26 ] أي : يستجيب الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات . فالحق سبحانه حينما يناديك ويدعوك للصلاة مثلاً يجب أنْ تجيب النداء ، لأنه دعاك لمصلحتك أنت ، دعاك ليعطيك شحنة إيمانية لوجودك في معية الله ، فنداء الله أكبر يعني : تعال حَيَّ على الصلاة ، حَيَّ على الفلاح ، تعالَ قابلني . فالرب سبحانه هو الذي يدعوك للمقابلة ، ويرحب بك في بيته وفي معيته ليصلحهم ، فإذا لم يجيبوا كانوا آثمين مذنبين عاصين يستحقون العذاب ، والحق سبحانه لا يستفيد من ذلك بشيء . ولو عقدنا مقارنة بين لقاء الحق سبحانه ولقاء رئيس أو مسئول لكان الفرق واضحاً ، فأنت الذي تطلب المقابلة ، ولو أُتيحت لك حدّد لك الموعد وموضوع الحديث ومكان اللقاء ونهاية اللقاء ، فأنت لا تملك من عناصره شيئاً . أما لقاؤك بربك عز وجل فهو الذي يدعوك لحضرته لا مرة بل خمس مرات في اليوم والليلة ، ويفتح لك الباب لأنْ تقول كل ما تريد ، وتُنهِي اللقاء متى تحب . وفي اللقاء يمنحك شحنة إيمانية تُعينك على أمر دينك ودنياك وتصلح ما فسد في نفسك أو خواطرك ، وتغفر ما كان منك من صغائر الذنوب وتشرح صدرك ويطمئن بها قلبك . وقد يسأل سائل : وكيف يحدث لي هذا كله ؟ نقول : الله سبحانه غيب ، فحين يصلحك يصلحك بغيبه ، وحين يعطيك بغيبه من حيث لا تشعر ومن حيث لا تحتسب ، لذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر قام في الصلاة . وكان صلى الله عليه وسلم يقول عن الصلاة : " أرحنا بها يا بلال " وعليك أن تقتدي به ، فإذا ضاقت بك الأسباب ، وإذا ألمَّ بك هَمّ أو غَمّ فاهرع إلى الصلاة . وطبيعي أن تكون الاستجابة لأمره تعالى موقوتة بالحياة الدنيا فهي مجال العمل ، لذلك قال { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ } [ الشورى : 47 ] أي : يوم القيامة الذي لا يرده أحد ، ولا يُؤخِّره عن وقته . { مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ } [ الشورى : 47 ] أي : تلجئون إليه ويحميكم من العذاب { وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ } [ الشورى : 47 ] ينكر عذابكم أو يعارضه ويستنكره .