Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 53-53)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { صِرَاطِ ٱللَّهِ … } [ الشورى : 53 ] أضاف الصراط إليه سبحانه ، فهو صاحبه وواضعه ليس من إنشائكم . يعني : لا دَخْلَ للعبد فيه ، وطالما أنه من الله فينبغي عليكم اتباعه والحذر من الانحراف عنه . ثم يصف الحق سبحانه نفسه بهذه الصفة { ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ … } [ الشورى : 53 ] يعني : صاحب هذا الصراط له ملْك ما في السماوات وما في الأرض ، يعني في الدنيا ، ثم تصير الأمور إليه وحده في الآخرة . { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } [ الشورى : 53 ] وهذا أسلوب قصر يعني : إلى الله وحده لا إلى أحد غيره . إذن : هذا الصراط وهذا المنهج وضعه لكم الذي يملك الدنيا ويملك الآخرة ، فمَنْ سار على منهجه في الدنيا لم يُحرم الجزاء في الآخرة . فالدنيا كلها من بداية صائرة إلى غاية هي الآخرة ، والغاية هذه إلى الله وحده ، فما بين من و إلى أحسنوا أموركم فيها لأنكم صائرون منها إلى الله ، وتذكّروا أن دار العمل موقوتة ، وأن دار الجزاء خالدة باقية ، هذه دار شَقاء وعَنَت ، وهذه دار نعيم ، فيها ما لا عَيْنٌ رأت ، ولا أذن سمعتْ ، ولا خطر على قلب بشر ، ومَنْ يخطب الحسناء يُغلها المهر . وتأمل كيف خُتِمتْ هذه السورة بقوله تعالى : { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } [ الشورى : 53 ] ألاَ أداة تنبيه ، والتنبيه لا يكون إلا لأمر مهم ينبغي الاهتمام به ولا نغفل عنه ، قلنا : لأن المتكلم هو الذي يعي كلامه ووقته ولا يغفل عنه ، أما المخاطب فقد يغفل عما يُقال فيحتاج إلى تنبيه في الأمور المهمة . هذا الأمر المهم ما هو ؟ هو { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } [ الشورى : 53 ] هذه برقية موجزة في ختام السورة في طياتها كلام كثير ، حتى في البشر حينما يوصي الإنسان أولاده مثلاً قبل موته لا يُوصيهم بكل تفاصيل حركة الحياة ، إنما بالأمور المهمة . فقوله سبحانه : { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } [ الشورى : 53 ] يعني : تنبهوا أنّ المسألة كلها من الله وإلى الله ، من الله منهج ، وإلى الله مرجع ومصير . فانظر في حركتك واجعلها موافقة لهذا المنهج ، واعلم أنك راجع إليه ، وأمرك صائر إليه وحده ، لأنه سبحانه لم يخلقنا عبثاً ، ولن يتركنا سُدى . هذه حقيقة ينبغي ألاَّ تغيب أبداً عن عقولنا .