Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 8-8)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني : لا تتعجب من أمر الله ، فله المشيئة المطلقة في خَلْقه ، ولو كانت مشيئته مشيئة قَهْر ما استطاع أحدٌ الخروجَ عليها ، ولكانَ الناسُ جميعاً مؤمنين ، لكن فَرْقٌ بين الإيمان عن قهر وإجبار ، والإيمان عن حب واختيار . الحق سبحانه لا يريد منا القوالب الجامدة ، إنما يريد القلوب المحبَّة ، يريدها طواعية مختارة ، وسبق أنْ مثَّلنا لذلك ولله المثل الأعلى برجل عنده عبدان أحدهما حُر طليق ، والآخر مربوط إلى سيده بحبل ، فحين ينادي السيد يأتيانه ويجيبان نداءه ، فأيهما أطوَعُ وأيهما مُحِبٌّ ؟ الحق سبحانه وتعالى حين عرض الأمانة على الخَلْق كله وخيَّرهم أثبت الجانبين القهر والقدرة وأثبت المحبة ، أثبت القدرة والقهر في أنْ جعل خَلْقاً من خَلْقه هو السماوات والأرض وكل الكائنات عدا الإنس والجن تأتي طائعةً مؤمنةً ، وتتنازل عن اختيارها لاختيار ربها وخالقها . ثم أثبت الحب في اختيار الإنس والجن ، لأنهم آمنوا حباً وكانوا يقدرون على الكفر . { وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } [ الشورى : 8 ] وهم المؤمنون يُدخَلون الجنة بفضل الله وبرحمته لا بأعمالهم ، فالأعمال سبب في دخول الجنة . وفي المقابل { وَٱلظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } [ الشورى : 8 ] يعني : سيدخلون النار ، لأن الفريق الذي دخل الجنة دخلها بفضل الله ورحمته ، وهؤلاء ظالمون ، والظلم جزاؤه النار . { مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ } [ الشورى : 8 ] يعني : قريب يُواليهم ويدفع عنهم { وَلاَ نَصِيرٍ } [ الشورى : 8 ] ينصرهم ولو من بعيد ، يراهم مغلوبين ، فيحنّ عليهم وينصرهم . ثم بيَّن الحق سبحانه علَّةَ ذلك ، وأنهم أعرضوا عن عبادة الله الواحد الأحد ، واتخذوا من دونه أولياء فاستحقوا هذا الخذلان : { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَٱللَّهُ هُوَ … } .