Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 15-15)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله سبحانه { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا … } [ الزخرف : 15 ] إشارة إلى الذين نسبوا إلى الله تعالى الولد ، تعالى الله عن ذلك عُلواً كبيراً ، ذلك لأن الولد جزء من أبيه ، وفي الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم : " فاطمة بضعة مني " يعني : قطعة مني . ولما نسبوا لله تعالى الولد مرة سمَّوْهُ ابن الله ، ومرة قالوا : الله ، ومرة قالوا : ثالث ثلاثة . والعجيب أنهم وقعوا في هذا الخطأ مع مَنْ ؟ مع النبي الذي أرسله الله إليهم ، فجعلوا النبي ذاته وسيلة للشرك . الأمر الثاني : أن الجزء المنفصل عن الأبوين إما ذكر وإما أنثى ، ومعلوم أن الذكر عندهم أشرف من الأنثى ومُقدَّم عليها ، بدليل قوله تعالى : { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِ … } [ النحل : 58 - 59 ] . وهؤلاء لما نسبوا لله تعالى الولد نسبوا له الأنثى ، وهي مذمومة عندهم ، تعلمون قصة أبي حمزة لما تزوج من امرأة لا تلد ذكراً ، فهجرها إلى غيرها ، فقالت تُنفِّس عن نفسها : @ مَا لأَبِي حَمْزَةَ لاَ يأْتينَا يَظَلُّ فِي البَيْت الذِي يَلِينَا غَضْبَانَ إلاَّ نلِدَ البَنِينَا تَالله مَا ذَلِكَ فِي أَيْدِينَا فنَحنُ كالأرْضِ لغَارسِينَا نُعطِي الذي غَرَسُوه فِينَا @@ وهكذا أخبرتْ المرأة العربية قديماً ما أثبته العلم الحديث من أن المرأة غير مسئولة عن الذكورة أو الأنوثة في الولد ، فهي مُتلقية وحاضنة فقط ، والرجل هو المسئول عن هذه المسألة . والقرآن يقول : { وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ } [ النجم : 45 - 46 ] والنطفة هي ماء الرجل الذي يُلقح البويضة ، ويتحكم في الذكورة والأنوثة . ولأن نسبة الولد إلى الله تعالى أمرٌ عظيم وفادح ذُيِّلَتْ الآية بقوله سبحانه : { إِنَّ ٱلإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } [ الزخرف : 15 ] تأمل دقة التعبير هنا الذي يناسب فداحة الاتهام ، فـ { إِنَّ … } للتوكيد و { لَكَفُورٌ } [ الزخرف : 15 ] صيغة مبالغة من كافر . و { مُّبِينٌ } [ الزخرف : 15 ] يعني : بيِّن وواضح الكفر ، فكفره لا يَخْفى على أحد .