Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 49-49)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كلمة الساحر هنا لا تعني اعترافهم بتفوقه في مجال السحر فحسب ، إنما تعني الرجل الماهر في كل شيء ، المتفوق عليهم في السحر وفي العلم وفي الإحاطة بأمور الحياة ، يعني لا مثيل له . وهذا يُذكِّرُنا بموقف من سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث " وفد عليه الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم وهما من سادة العرب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن الأهتم : ما تقول في الزبرقان بن بدر ؟ فقال : يا رسول الله مطاع في ناديه شديد العارضة ، مانع لما وراء ظهره ، فقال الزبرقان : يا رسول الله والله إنه ليعلم مني أكثر مما وصفني به ولكنه حسدني . فقال عمر : والله يا رسول الله إنه زَمِرُ المروءة ضيق العطن لئيم الخال أحمق الموالد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن الأهتم : وما حملك على أنْ تقولَ ما قُلْتَ ؟ فقال : يا رسول الله رضيت ، فقلت أحسن ما أعلم ، وغضبتُ فقلتُ أسوأ ما أعلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ منَ البيَانِ لسحْراً " . الشاهد هنا أن السحر يأتي بمعنى التفوق عامة في أيِّ ناحية من نواحي الحياة . إذن : لما رأوا تصرُّفات موسى خضعوا له وسلَّموا له بالتفوق عليهم ، وإنْ كانوا لم يؤمنوا به ، ولكن لأنهم مقتنعون بتفوقه بل وبصدق دعوته ذهبوا إليه وطلبوا منه أنْ يدعو لهم ، وأنْ يُفرِّج عنهم ما هم فيه من ضَنْك العيش . فقالوا : { يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } [ الزخرف : 49 ] إذن : يعترفون بصلته بربه ، لكن ربه هو لا ربهم أيضاً بدليل { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } [ الزخرف : 49 ] ولم يقولوا مثلاً : ربنا . { بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } [ الزخرف : 49 ] لأن ربك يطاوعك ويفعل لك ما تريد ، ووعدك بكشف العذاب عمَّنْ آمن بك { إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } [ الزخرف : 49 ] يعني : لو كشفتَ عنَّا ما نحن فيه فسوف نهتدي ونؤمن بك .