Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 5-5)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الهمزة هنا تحمل معنى الاستفهام الإنكاري ، ومعنى { أَفَنَضْرِبُ } [ الزخرف : 5 ] أي : نترك . نقول : ضربتُ عن العمل وأضربتُ عن العمل أي : تركتُه وامتنعتُ عنه . ومنه : أضرب العمال عن العمل . فالحق يقول لهم : أنترك تذكيركم ، ونُعرِض عنكم ونترككم هكذا هَمَلاً ، لأنكم أسرفتُم على أنفسكم وكذَّبتم بالذكْر وكفرتم به ؟ لا بل سنُوالي لكم التذكير والبيان ، ونلزمكم الحجة والبرهان ، فإنْ لم تؤمنوا بالحجة ولم تُصدِّقوا جاء دور الغزو والفتح والنصر عليكم حتى تؤمنوا . وهذه رحمة من الله بهم لأنهم عباده وصنعته ويريد لهم النجاة ، وهو أرحم بهم من الوالدة بولدها حتى وهم كافرون به . فلو تركهم وما أرادوا لتمادوا في فسادهم ، واستحقوا الهلاك والعذاب ، والكافر حينما يؤمن يرحمه الله بالإيمان ، ويرحم المجتمع من شرِّه وفساده إنْ ظلَّ على كفره ، فالذكْر والمراد به هنا الوحي رحمةٌ من الله وخير يُقدِّمه لعباده رحمة بهم . لذلك قالوا : إنْ كان لك عدو فلا تَدْعُ عليه بالهلاك ، إنما ادْعُ له بالهداية لأنك لا تنتفع بهلاكه ، إنما تنتفع بسلوكه ويعود عليك خيره إن اهتدى ، فثمار الخير تفيد المجتمع كله ، ومن هذا المنطلق نهانا الإسلام عن كَتْم العلم لأنك حين تكتم علماً تحرم مجتمعك من خيره ، فحين تُعلِّم غيرك تنتفع بخيره وتأمن شرَّه . إذن : من رحمة الله بهم أنْ يُوالي لهم نزول القرآن رغم عنادهم وكفرهم وتماديهم في الضلال ، وفعلاً مع مرور الوقت وتتابع نزول الوحي أسلم صناديد الكفر واحداً بعد الآخر ، أسلم عمر ، وأسلم عمرو وخالد وعكرمة وغيرهم كثير . ثم يقول لهم الحق سبحانه : أنتم في حاجة إلى قراءة التاريخ وأَخْذ العبرة من موكب الرسالات لتروْا عاقبة المكذِّبين للرسل ، فتاريخ الرسالات يؤكد انتصار رسل الله على المكذِّبين لهم ، لأن هذه سنةُ الله في الرسل أنْ ينصرهم الله في النهاية ، وأن تكون العاقبة لهم على مُكذِّبيهم ، يأخذهم الله على قدر تكذيبهم : { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ … } [ العنكبوت : 40 ] . وقد خاطبهم الحق سبحانه بقوله : { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الصافات : 137 - 138 ] يعني : المسألة ليستْ كلاماً نظرياً ، إنما واقع مُعَاش ومُشَاهد عليكم أنْ تعقلوه ، وأنْ تتعلموا منه الدرس حتى لا ينزل بكم من العذاب مثل ما نزل بهم .