Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 67-67)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الكلام هنا عن يوم القيامة ، حيث تنقلب موازين الإخاء والخُلَّة ، قوله تعالى : { ٱلأَخِلاَّءُ } [ الزخرف : 67 ] جمع : خليل ، وهو الصاحب الذي تودّه وتحبه حتى كأنك تداخلتَ في أعضائه واختلط بلحمه ودمه ، كما قال الشاعر : @ وَلَمَّا التقيْنَا قَرَّبَ الشَّوْقَ جَهْدَهُ خَليلَيْنِ ذَابَا لَوْعَةً وَعِتَابَا كَأنَّ خَليلاً فِي خِلالِ خَليلِه تسرّب أثْناءَ العِنَاقِ وَغَابَا @@ والخُلَّة إمَّا أنْ تكونَ في الخير ، وإما أنْ تكون في الشر ، خُلَّة الخير هي التي تُعينك على منهج الله ، والخليل الحق هو الذي إنْ رآك على الخير أعانك ، وإنْ رآك على غير ذلك نصحك وأخذ بيدك . يقول تعالى في وصف الذين آمنوا : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } [ العصر : 3 ] . وهذان هم الخِلان اللذان عَنَاهُمَا رسول الله في الحديث الشريف : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، ومنهم : ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه " وهذه خُلَّة الحق وخُلَّة الصدق التي تدوم في الدنيا وتتصل مودَّتها إلى يوم القيامة ، فهُم أخلاء في الدنيا ، أخلاَّء في الآخرة . أما الأخلاَّء في الشَّر الذين يجتمعون على الشهوات وعلى انتهاك حُرمات الله ، فهؤلاء تنقلب خُلَّتهم في الآخرة إلى عداوة وبغضاء ، حيث يلوم كلٌّ منهم صاحبه ، فالشر الذي اجتمعوا عليه في الدنيا أهلكهم في الآخرة ، والمعاصي التي تحابُّوا من أجلها هي التي ألقتْهم في العذاب المقيم . فكلُّ واحد منهم يرى في الآخر عدواً له لأنه لم يزجره ولم ينهه . ومن هنا اهتمَّ الإسلام باختيار الصديق والصاحب ، وعلَّمنا كيف نختار الجليس الصالح والرفيق الصالح . إذن : ساعة الجزاء ينكشف زَيْفُ العلاقات ، ولا تبقى إلا وشائج الخير التي تربط الأخ بأخيه ، والقرآن الكريم في أكثر من موضع يُصوِّر لنا ما يدور بين هؤلاء الأخلاء في الدنيا الأعداء في الآخرة . من ذلك قوله تعالى : { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } [ فصلت : 29 ] .