Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 13-14)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ } [ الدخان : 13 ] من أين لهم التذكُّر والاتعاظ ؟ ومن أين لهم الإيمان الذي يدَّعونه وقد جاءهم { رَسُولٌ مُّبِينٌ } [ الدخان : 13 ] بأكبر من هذا الدخان : بينات معجزات قائمة ، كتاب حكيم معجز ، حكمة تسيّر الكون على نظام بديع ، يسعد الفرد والمجتمع واضح الحجة ، واضح البيان ، كثير الخيرات ، محيط بكل وجوه الخير التي تعود عليهم ، فما كان منهم إلا الإعراض والتكذيب . { تَوَلَّوْاْ عَنْهُ } [ الدخان : 14 ] أعرضوا { وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } [ الدخان : 14 ] يعني لم يُعرضوا عنه ويتركوه في حاله ، إنما تعدَّوْا عليه بالقول والاتهام الكاذب { مُعَلَّمٌ … } [ الدخان : 14 ] أي : يعلمه غيره . كما قال سبحانه في موضع آخر : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [ النحل : 103 ] فيردّ الله عليهم ويُبطل اتهاماتهم { لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ } [ النحل : 103 ] . وقد قالوا أنه صلى الله عليه وسلم يختلف إلى رجل فارسي يُعلّمه القرآن ، وردّ عليهم في قولهم مجنون فقال سبحانه { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } [ التكوير : 22 ] . وقال : { نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } [ القلم : 1 - 4 ] . وما دام على خُلُق عظيم فهو لا يتعدى مقاييس الفضيلة ، ولا تصدر عنه الأفعال إلا عن تدبّر وتعقّل وأدب ، وما أبعد هذا عن الجنون ! ! .