Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 25-27)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني : بعد أنْ أغرقهم الله تركوا هذا النعيم ، كَمْ خبرية تفيد الكثرة { مِن جَنَّاتٍ } [ الدخان : 25 ] حدائق وبساتين نضرة { وَعُيُونٍ } [ الدخان : 25 ] يعني : عيون الماء العذب الذي يجري خلال هذه البساتين . { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } [ الدخان : 26 ] مَقام بفتح الميم اسم مكان القيام إذا كنت جالساً ، قمت ، واسم مكان الإقامة مُقام بضم الميم لموضع الإقامة ، والمُقام لا يُوصف بأنه كريم إلا إذا توفرتْ لمن يقيم فيه سُبل الراحة والرفاهية ، فالمقام نفسه فيه كرم . يعني : يجمع لصاحبه كلَّ وسائل الخير حين يقوم وحين يجلس . وكأن الخير تابع له مطيع لأوامره ، ولا يكون ذلك إلا إذا كان له تابعون وهو متبوع ، وهؤلاء التابعون يؤدون له أوامره في قيامه وفي قعوده . والإنسان حينما يكون قاعداً أو نائماً أو مضطجعاً ما الذي يجعله يقوم ؟ أمر جَدَّ عليه فأقامه ، وهذا الأمر نوعان : إما خير يُفرحه ويهشّ إليه فيقوم له مثل حبيب أو صديق غائب وهو يعود ، أو أمر يُحزنه ويفزعه فيقوم له . كما وردتْ كلمة مُقام بضم الميم ، وهي بمعنى مكان الإقامة في قوله تعالى : { إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } [ الفرقان : 66 ] ، وفي قوله تعالى : { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } [ الفرقان : 76 ] . وقوله : { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } [ الدخان : 27 ] كلمة نعمة أيضاً وردتْ بفتح النون مرتين كما هنا ، ووردت بكسر النون مثل { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ … } [ البقرة : 40 ] في 34 موضعاً إما مُفردةً وإما مُضافةً إلى الله ، ووردتْ نعمتي ونعمتك ونعمته للغائب . والفرق بينهما أن نعمة بالكسر تعني : ما يتنعَّم به ، ولكن يلاحظ أن المتنعم به أشياء خارجة عن الذات ، فمرة توجد النِّعمة وتُوجد القدرة على التنعُّم بها . ومرة توجد النِّعمة ولا توجد القدرة على التنعّم بها . أما النَّعمة بالفتح فتعني وجود النِّعمة ، ووجود القدرة على التنعُّم بها . وقوله { كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } [ الدخان : 27 ] من التفكُّه والتلذُّذ ، مأخوذة من الفاكهة وهي تدلُّ على الرفاهية ، لأن الطعام منه أشياء ضرورية أساسية ، وهي التي بها قِوَام الحياة واستبقاؤها ، وطعام آخر للترف والمتعة كالفاكهة تُؤكل بعد الطعام . وهذه الأشياء التي تؤكل للترف والمتعة يمكن الاستغناء عنها لأنها ليستْ من الضروريات ، بدليل أن كثيراً من الناس لا يعرفون أكل الفاكهة وهم أحياء يُرزقون . إذن : كانوا في رفاهية من العيش وفي متعة فضلاً عن الضروريات .