Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 18-18)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : جعلناك يا محمد على الطريق المستقيم ، والشريعة هي الطريق الموصل إلى الماء الذي هو أصل الحياة { وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ … } [ الأنبياء : 30 ] فسمَّى الدين شريعة . فكما أن الماءَ حياةُ الأبدان ، فالدين حياةُ الأرواح والقلوب ، وهو الذي يمنحهم الحياة الأخرى الباقية ، حيث لا يفوتهم النعيم ولا يفوتونه ، وهذه هي الحياة الحقيقية التي قال الله عنها : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ … } [ الأنفال : 24 ] فلا شك أنه يخاطبهم وهم أحياء في حياتهم الدنيا ، إذن : معنى يحييكم ، أي : الحياة الآخرة الباقية . وكأن الحق سبحانه يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم ، دعْكَ مما يفعل هؤلاء من التكذيب والعناد ، فهذا أمر معروف منهم ، وله سوابق في مواكب الرسل قبلك ، فتحمَّل أنت ما يعترض طريقك من الإيذاء . لذلك في أول بعثته صلى الله عليه وسلم لما ذهبتْ به السيدة خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وقصَّتْ عليه ما حدث لسيدنا رسول الله ، فقال : إن هذا هو الناموس الذي كان ينزل على موسى . وقال لرسول الله : إنك نبيُّ هذه الأمة ، وإنْ يدركني يومك أنصرْك نصراً مؤزراً ، وليتني أكون حياً يوم يخرجونك . فقال صلى الله عليه وسلم : أو مُخرجيّ هم ؟ قال : نعم ، ما جاء أحدٌ بمثل ما جئتَ به إلا أخرجه قومه . إذن : فالهجرة كانت موجودة منذ الخطوات الأولى للبعثة ، لأنها تمامٌ لإشراق الإسلام في مكة . وقوله : { فَٱتَّبِعْهَا … } [ الجاثية : 18 ] أي : اتبع هذا الطريق المستقيم وهذه الشريعة { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [ الجاثية : 18 ] أهواء الكافرين لأنهم اقترحوا على رسول الله وقالوا : تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فنهاه الله عن اتباعهم ، وفي هذه المسألة نزلتْ سورة الكافرون .