Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 22-22)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بعد أنْ تكلَّم الحق سبحانه أن الظن الجائر والخاطئ من الكافرين ، وهو أنْ نُسوِّيهم بالذين آمنوا . وبعد أنْ بيَّن سبحانه وجه الظلم في هذا الظن يُحدِّثنا هنا عن عدله سبحانه ، وعن ميزان الحق الذي به قامتْ السماوات والأرض بداية ، وقبل أنْ يخلقَ الإنسان ، وقبل أنْ يوجد المؤمن والكافر . فبالحق خلق الله السماوات والأرض ، وأنشأهما بحساب دقيق وعدل مطلق ، فعدالة السماء لا تقتصر على جزاء الآخرة كُلٌّ بعمله ، إنما هي عدالة أزلية بها قامتْ عملية الخلق . { وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [ الجاثية : 22 ] والحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغير ، ونحن نرى آيات الله في الكون سمائه وأرضه نجدها آيات ثابتة تسير بنظام محكم دقيق لا يتخلف أبداً ولا يتبدل ، لأنها بُنيت بدايةً على الحق . وكأن الله تعالى يعطينا إشارة ويلفت أنظارنا إلى أن حركة حياتنا في هذه الدنيا لن تستقيم ولن تسير في سلام إلا إذا قامتْ على الحق وبُنيت بميزان الحق ، الذي به قامتْ السماوات والأرض . اقرأ مثلاً : { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } [ الرحمن : 5 ] أي : خُلِقَتْ بحساب دقيق { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ * وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } [ الرحمن : 6 - 7 ] . وتأمل ختام الآية : { وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [ الجاثية : 22 ] فما دام الأمر قائماً على الحق ، فلا بدَّ أنْ تتحقق العدالة في الجزاء ، وأنْ ينتفي الظلم . ثم يقول الحق سبحانه : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ … } .