Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 35-35)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ذَلِكُم … } [ الجاثية : 35 ] أي : الذي نزل بكم وحاق بكم من العذاب ، سببه أعمالكم السيئة في الدنيا ، فهو جزاء وفاقٌ ولم نظلمهم مثقال ذرة { ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُواً … } [ الجاثية : 35 ] أي : مهزوءاً بها ، فهم أنكروها وكذَّبوا بها وسخروا منها . وكلمة { هُزُواً … } [ الجاثية : 35 ] مبالغة في الاستهزاء كما تقول : فلان عادل وفلان عدل . يعني : هو العدل نفسه . { وَغَرَّتْكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا … } [ الجاثية : 35 ] أي : خدعتكم بزخرفها وبهجتها وبهرجها فعملتم لها ونسيتم العمل للآخرة { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا … } [ الجاثية : 35 ] أي : من النار . { وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ } [ الجاثية : 35 ] من الفعل عتب ، والعتاب لا يكون إلا بين الأحبَّة ، لذلك قالوا : ويبقى الود ما بقي العتاب ، فإذا أسأتَ مثلاً إلى صديق لك فيأتي هو إليك ويُعاتبك ، ويريد أنْ يسمع منك اعتذاراً أو عذراً ليستديم مودتك ، لأنه لا يريد القطيعة بينكما . فيُقال : استعتب فلان فأعتبه . يعني : أزال سبب عتابه ، وهذه الهمزة تسمى همزة الإزالة ، قال الشاعر : @ أمَّا العتَابُ فَبالأحبَّةِ أخْلَقُ والحُبُّ يصلحُ بالعتَاب ويصْدُقُ @@ لذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما عاد من الطائف بعد أنْ آذاه أهلها جلس يناجي ربه : إنْ لم يكُنْ بك عليَّ غضبٌ فلا أبالي ، ولكنه تذكر فقال : لكن عافيتك هي أوسع لي ، لك العتبى حتى ترضى . يعني : لك عندي يا رب ما أزيل به عتابك ، يعنى : لام على شيء ظنه تقصيراً . إذن : أعتبه أزال عتابه ، مثل : أعجم الحرف يعني أزال عُجْمته ، وتعرفون أن الحروف العربية كانت تُكتب أولاً بدون نقط اعتماداً على المَلَكة العربية الصافية التي تستطيع أنْ تستشفّ الحرف المراد . فلما ضعُفَتْ هذه المَلَكة عند الناس احتاجوا إلى النقْط لفهم المعنى المراد . فالحق سبحانه يقول عن هؤلاء { وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ } [ الجاثية : 35 ] لا يُقبل منهم عتاب ، ولا يُقبل لهم عذرٌ ، ولا يُقبل فيهم شفاعة ، فإنْ طلبوا إرضاء الله تعالى بأيِّ وسيلة تُرد ولا تُقبل ، حتى التوبة لأنها لا تفيد في هذا اليوم .