Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 36-36)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أولاً : كلمة لله الحمد جملة من مبتدأ وخبر قُدِّم فيها الخبر لإفادة قصر الحمد على الله وحده ، فالحمد واجب لله تعالى قبل كل شيء ، واجب لله على أنه خَلَقَ من عدم وأمدَّ من عُدم ، وهدى الناس بآياته البينات إلى سبيل الحق . الحمد واجب لله على قيومته ، وعلى المنهج الذي هدانا به ، وعلى دار الجزاء التي يثيب فيها المؤمن ويعاقب فيها الكافر ، الحمد واجب لله على أنْ أحيانا بروح منه أحيت مادتنا في الدنيا ، وروح منه أحيَتْ قيمنا في الآخرة . لذلك خاطبنا ونحن أحياء قال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ … } [ الأنفال : 24 ] فالمراد بالحياة هنا حياة القيم التي تمنحك الحياة الباقية الخالدة في الآخرة . { وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [ العنكبوت : 64 ] . يعني : الحياة الحقيقة التي تستحق أن نعمل لها . ومن نِعَمه تعالى التي تستوجب الحمد أنْ علَّمنا كيف نحمده سبحانه بهذه الكلمة الخفيفة على اللسان التي يستوي في نُطْقها العالم والأمي . الكل يقول : الحمد لله . الكل يثني على الله بلفظ واحد ، ولَو لم تكُنْ هذه المساواة لَفَاز المتعلمون والبُلغاء وأصحاب الفصاحة والبيان وخسر الأمي الذي لا يحسن الكلام والعيي الذي لا يقدر على التعبير . لذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نبَّهنا إلى هذه المسألة ، حين قال في الثناء على الله تعالى : " سبحانك لا نحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيتَ على نفسك " . ومعنى { فَلِلَّهِ ٱلْحَمْدُ … } [ الحاثية : 36 ] أن الحمد حقٌّ لله دائم لا ينقطع ولا ينتهي ، لا من الحامد ولا من المحمود عليه . ثم يأتي الحق سبحانه بالحيثية على الحمد لله { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الجاثية : 36 ] والرب هو المُربِّي والمالك والمعطي ، فكيف لا يُحمد ؟