Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 13-13)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه الآية لها نظير في سورة فُصّلت : { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } [ فصلت : 30 ] . نعم { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ الأحقاف : 13 ] فأيُّ خوف يُصيبهم ، وأيّ حزن ينزل بهم وقد قالوا هذه الكلمة { رَبُّنَا ٱللَّهُ … } [ الأحقاف : 13 ] وهي لُبُّ العقيدة ثم لم يقولوها كلمةً جوفاء ، إنما قرنوها بالعمل بمقتضى هذا الإيمان . { ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ … } [ الأحقاف : 13 ] أي : على أوامر العقيدة ونواهيها ، ومعنى الاستقامة : السير على الطريق المستقيم الذي رسمه لك مَنْ آمنتَ به . وهذه الاستقامة تُصلح لك حركة حياتك وحركة الآخرين معك ، والاستقامة بمفهوم الهندسة هي أقصر الطرق التي تُوصلِّك إلى غايتك . لذلك قلنا : إن الهدى مطيَّة تحملك وتُوصِّلك ، الهدى ليس عبئاً على صاحبه بل أنت حِمْل عليه ، يقول تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ … } [ لقمان : 5 ] فهم يعتلون الهدى وهو يحملهم . إذن : مَنْ نطق بهذه الكلمة { رَبُّنَا ٱللَّهُ … } [ الأحقاف : 13 ] ثم استقام عليها في حركة حياته ضمن الله له عدم الخوف وعدم الحزن ، ولم يُؤجله إلى الآخرة ، بل جعله بُشْرى تُبشِّرهم بها الملائكة في آية فُصِّلت : { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } [ فصلت : 30 ] . أي : تتنزَّل عليهم ساعة الموت تُبشرهم وتُطمئنهم ، فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون ، الخوف توقُّع أمر يُؤذي ويضرّ ، والحزن الفجيعة والألم لفقد شيء محبوب ، فهم في أمن من هذا وذاك . وما دام الأمر كذلك فلا تخافوا من أعدائكم فلن ينالوا منكم شيئاً أبداً . لذلك كان عندهم قضية يقولونها لأعدائهم بشجاعة : { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } [ التوبة : 52 ] . يعني : إنْ تواجهنا في قتال فنحن ننتظر أحد أمرين ، إما أنْ ننتصر عليكم ونكسر شوكتكم ونُذلكم ، وإما أنْ نُقتل فنظفر بالشهادة ، فنحن رابحون على أيِّ حال ، أما أنتم فننتظر أنْ يُصيبكم اللهُ بعذاب من عنده أو بأيدينا ، لذلك دخل المسلمون على هذه المسألة بثقة ويقين لا يخالطه شكّ .