Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 28-28)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني : هذه الآلهة التي اتخذوها من دون الله { فَلَوْلاَ … } [ الأحقاف : 28 ] يعني : هلا ، وهي تفيد الحضّ ، وفي المعنى تهكّم بهم أي : هلاّ نصروهم ووقفوا إلى جوارهم في مصائبهم ، ومعنى { قُرْبَاناً … } [ الأحقاف : 28 ] يعني : تقربهم إلى الله ، وهذا كله لم يحدث لماذا ؟ لأنها آلهة باطلة مُدَّعاة ، لا تضر ولا تنفع . بل هي من صُنْع أيديهم ، وباشروا صناعتها بأنفسهم فأقاموا الحجر وجعلوا له ذراعين ورِجْليْن وأنف وأذن ، وإذا وقع رفعوه ، وإذا كُسِر ذراعه أصلحوه ، بالله هل هذه عقول ؟ وقولهم { قُرْبَاناً … } [ الأحقاف : 28 ] كما قالوا في موضع آخر : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ … } [ الزمر : 3 ] . وعجيبٌ منهم هذا الكلام وهم أمة الفصاحة والبيان ، ويعلمون جيداً معنى العبادة ، فلو قالوا ما نحترمهم إلا ليُقرِّبونا إلى الله لكانَ معقولاً ، لكن { نَعْبُدُهُمْ … } [ الزمر : 3 ] وأنتم تعرفون أن العبادة طاعة أمر المعبود في أمره ونهيه ، وهل للآلهة هذه أوامر أو نوَاهٍ ؟ لذلك يردُّ اللهُ عليهم { بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ … } [ الأحقاف : 28 ] يعني : تاهوا وغابوا عنهم ، من قولنا : ضلّ فلان الطريق ، ومنه قوله تعالى : { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ … } [ الإسراء : 67 ] لماذا ؟ لأن المسألة هلاك . والإنسان لا يخدع نفسه ، ففي وقت الشدة يترك الآلهة المدعاة ، ويلجأ إلى الإله الحق الذي يملك النفع ويملك الضر ، ففي هذا الموقف لا يقول أبداً : يا هُبل ، لأنه يعلم أن هبل لن ينقذه لكن يقول : يا الله . { وَذَلِكَ … } [ الأحقاف : 28 ] إشارة إلى اتخاذهم آلهةً من دون الله { إِفْكُهُمْ … } [ الأحقاف : 28 ] الإفك هو الكذب المتعمَّد ، وهو أشد أنواع الكذب { وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [ الأحقاف : 28 ] يختلقون من الكذب من قولهم أن هذه آلهة ، فكأن المعنى العام للآية : أن عدم النصرة نتيجة الإفك والافتراء على الله باتخاذ آلهة من دونه .