Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 33-33)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
النداء هنا للذين آمنوا ، فالإيمان هو حيثية الأمر في { أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ … } [ محمد : 33 ] وفي النهي { وَلاَ تُبْطِلُوۤاْ أَعْمَالَكُمْ } [ محمد : 33 ] فالمؤمن هو الذي يسمع النداء ويطيع الأوامر ، لأنه يعلم أنها من رب حكيم هو الخالق والرازق والقيوم . الخير في طاعته ، والخسران في مخالفة أمره ، لذلك المؤمن حين ينزل به بلاء أو شدة يعود إلى نفسه . ويقول : ماذا فعلت ؟ لا بدّ أنني خالفتُ منهج ربي فيُصحح ما كان منه . ونقف هنا عند تكرار فعل الأمر { أَطِيعُواْ … } [ محمد : 33 ] مرة معه الله ، ومرة مع رسول الله ، لابد أن لها ملحظاً ، نعم قالوا : لأن الله يُشرِّع المبدأ العام على سبيل الإجمال ، والرسول يُشرِّع ما يُبيِّن وما يُفصِّل هذا الإجمال كما في الصلاة مثلاً : فالله فرضها إجمالاً والرسول بيَّن لنا أوقاتها وعدد ركعاتها ، وكلَّ ما يتعلَّق بها . إذن : لله تعالى طاعة في المبدأ المجمل ، وللرسول طاعة في التفصيل ، فإذا لم يكرر الفعل كما في { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ … } [ آل عمران : 132 ] فالأمر واحد توارد عليه كلامُ الله وكلامُ رسول الله . ويأتي الأمر بصورة أخرى : { وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ … } [ النساء : 59 ] فلم يقل : وأطيعوا أولي الأمر منكم ، لكن جعل طاعتهم من باطن طاعة الله وطاعة رسول الله ، فلا طاعةَ لهم خاصة . ولا طاعةَ لهم منفصلة عن طاعة الله وطاعة رسول الله ، لأنه كما تعلمون لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق ، وهذه قاعدة شرعية . وقوله : { وَلاَ تُبْطِلُوۤاْ أَعْمَالَكُمْ } [ محمد : 33 ] لأنكم تعملون أعمالاً حسنة وأفعالاً طيبة ، فحافظوا عليها ولا تبطلوها بفعل السيئات ، على حَدِّ قوْل الشاعر : @ وَلَمْ أَرَ فِي عيوب النَّاسِ عَيْباً كَعَجْزِ القَادِرِينَ عَلَى التمَامِ @@ والإمام الشافعي يقول : @ إذَا كنتَ في نِعْمَةٍ فَارْعَهَا فَإنَّ المَعَاصِي تُزِيلُ النِّعَم @@ فمن العيب أنْ ينتكس المسلم ويفعل السيئة بعد أنْ وُفِّق للحسنة ، ويقول تعالى : { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } [ هود : 114 ] . وفي الحديث الشريف : " وأتبع السيئة الحسنة تَمْحُها " . فمن رحمة الله بنا أن الحسنة تمحو السيئة ، لكن السيئة لا تمحو الحسنة لكن يلزمها الاستغفار . ومن أخطر الأمراض التي تبطل العمل الصالح أنْ يداخله رياءٌ أو سُمعة أو نفاق أو شبه شرك ، والعياذ بالله .