Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 8-9)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الخطاب هنا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول له ربه تعالى : { إِنَّآ أَرْسَلْنَٰك … } [ الفتح : 8 ] يا محمد { شَٰهِداً … } [ الفتح : 8 ] أي : على أمتك وعلى مَنْ سبقك من الرسل أنهم قد بلَّغوا الرسالة ، نعم شاهد عليهم بما أخبره الله به في القرآن . وفي آية أخرى قال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً … } [ البقرة : 143 ] أي : تشهدون على الناس أنكم قد أبلغتموهم ، لأن هذه الأمة ورثت الدعوة عن رسول الله وحملتها من بعده . لذلك ورد في الحديث الشريف قوْل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " نضَّرَ الله أمرءاً سمع مقالتي فوعاها وأدَّاها إلى مَنْ لم يسمعها ، فرُبَّ مُبلَّغ أوعى من سامع " . وقوله : { وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } [ الفتح : 8 ] مبشراً بالخير ونذيراً بالعذاب ، وقلنا : البشارة أو النذارة تكون قبل وقوع الحدث . لكن لماذا بشيراً ونذيراً ؟ قال : { لِّتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } [ الفتح : 9 ] . إذن : علة الإرسال لتؤمنوا بالله ورسوله { وَتُعَزِّرُوهُ … } [ الفتح : 9 ] تعظموه وتنصروا دينه وتُعْلوا كلمته { وَتُوَقِّرُوهُ … } [ الفتح : 9 ] أي : تُعظموه وتُقدرونه حقَّ قدره ، لأنه سبحانه جعل لخلقه منهجاً يحرس حركة حياتهم من الطيش . فلما خلق اللهُ آدمَ وسوَّاه على صورته ونفخ فيه من روحه دبَّتْ فيه الحياة واستوى مخلوقاً كاملاً ، بمعنى أنه لم يكُنْ طفلاً ثم كبر فصار شاباً فرجلاً . لا بل دبَّتْ فيه الحياة ، وهو رجل كامل الرجولة ، وطرأ آدم على كوْنٍ أعدَّه الله له فيه كل مُقوِّمات حياته من ماء وهواء وأرض وشمس وقمر ، وبعد أنْ أعطاه قوام مادته أعطاه القيم التي هي قوام الروح . لذلك بعد أنْ مَنَّ الله عليه بروح المادة أعطاه روحاً أخرى للقيم { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا … } [ الشورى : 52 ] لذلك سمَّى القرآن روحاً ، وسمَّى الملَك الذي نزل به روحاً { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } [ الشعراء : 193 ] وخاطب الأحياء بقوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ … } [ الأنفال : 24 ] فعلم أن هناك حياتين حياة المادة وحياة الروح وهي المنهج .