Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 1-1)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تستطيع هنا أن تلاحظ المناسبة بين هذه الآية في مفتتح سورة الحجرات وبين نهاية سورة الفتح ، الحق سبحانه في أواخر آيات الفتح حدثنا عما دار في الحديبية ، وكيف انتهى الموقف هناك بالصلح ، وكيف أن هذا الصلح أحدث خلافاً بين الرسول وبين المؤمنين به . " ووقف رسول الله وحده وقَبِلَ الصلح وقَبِلَ كل شروطهم ، وتنازل لهم عن أشياء دلَّتْ على حنكته السياسية وعلى بُعْد نظره ، في حين عارضه المؤمنون كما رأينا . حتى أن عمر يقول له : يا رسول الله ألسنا على الحق ؟ يقول : بلى ، يقول : أليسو على الباطل . يقول : بلى ، يقول : فلم نُعطِ الدنية في ديننا ؟ " . وقلنا : أنهم قبل أنْ يعودوا إلى المدينة أخبرهم الحق سبحانه بالحكمة من العودة دون أداء العمرة هذا العام . إذن : كان للمؤمنين رأي ، وكان لرسول الله رأي آخر ، لأن المسلمين تعصبوا لأنفسهم أما رسول الله فقد تعصَّب للإسلام . ولما حدثتْ المعارضة لرسول الله جاءتْ سورة الحجرات لتعالج هذه المسألة في أول آية منها : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ … } [ الحجرات : 1 ] والنداء هنا خاص بالذين آمنوا بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ورسولاً . { لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ … } [ الحجرات : 1 ] يعني : إياكم أنْ تُقدِّموا رأياً أو تقطعوا أمراً قبل أنْ يأذن الله لكم به ويأذن رسوله ويقضي فيه ، لأن رسول الله لا يصدر إلا عن وحي من الله . وأنتم حينما تقفون في وجه أمر الرسول فأنتم في حقيقة الأمر تعارضون أمر الله الذي ارتضيتم به رباً وإلهاً وآمنتم بصفاته ، ومقتضى هذا الإيمان ألاَّ تُقدِّموا رأيكم على رأيه ، ولا حكمكم على حكمه ، فإذا قال الله أو قال رسول الله فلا تقدموا رأياً من عندكم . وكلمة { بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ … } [ الحجرات : 1 ] بين يديك يعني : أمامك ، يعني لا تسبقوه بأنْ تقطعوا أمراً دونه ، وتذكّر أنك أمام الله وفي مواجهته ، فهو لا يُكلِّفك حركة فتلتفت يميناً أو شمالاً . وقوله : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ … } [ الحجرات : 1 ] يعني : إنْ أردتم ألاَّ تُقدِّموا بين يدي الله ورسوله فاتقوا الله في ذلك . يعني : لا تكونوا كذابين فيه ، ولا تعودوا مرة أخرى إلى المخالفة فهذا لا يصح . { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ الحجرات : 1 ] يعني : اتقوا مَنْ هذه صفاته فهو سميع يسمع كلَّ ما يقال ، وعليم بكل ما يختلج في نفوسكم ، ولا يخفى عليه شيء من أموركم . وما دُمتم قد آمنتم به فقد وجبتْ عليكم طاعته وطاعة رسوله . ثم يقول الحق سبحانه : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ … } .