Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 112-112)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كأن عيسى قال لهم : عليكم بتقوى الله فلا تسألوه هذه الآية ، لأنكم مادمتم قد أعلنتم الإيمان فأنتم لا تقترحون على الله آية لإثبات صدق رسوله ، وحسبكم ما أعطاه الله لي من آيات لصدق رسالتي . وعليكم ان تلزموا أنفسكم بالمنهج الذي أعلنتم أنكم مؤمنون به . وقد توقف العلماء عند قولهم : { هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ } وتساءل العلماء : كيف كان هذا القول ، وخصوصاً أن معناه الظاهري : أيقدر ربك ؟ وكيف للحواريين أن يقولوا ذلك بالرغم من أنهم أشهدوا عيسى عليه السلام بأنهم مسلمون ؟ وقال العلماء أيضاً : إن من يتكلم في اللغة عليه أن يكون متبصراً باشتقاقات الألفاظ واستعمالات الألفاظ وسمات الألفاظ ، وكلمة " يستطيع " بمعنى يطيع كما قالوا : استجاب بمعنى أجاب ، وكأن معنى سؤالهم : أيستجيب الله وينزل علينا مائدة من السماء ؟ و " استطاع " تقابل : " استجاب " وسبحانه وتعالى هو القادر على كل شيء ، وهو الذي يطيعه كل شيء ، وهو الذي يرضخ لحكمه كل شيء ، والحق لا يطلب ، إنما يأمر مصداقاً لقوله تعالى : { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ يس : 82 ] . الله سبحانه وتعالى لا يقول لشيء كن إلا ويعلم أنه يطيع ، ولا يأمره الحق أن يطيع إلا ويكون استعداده الانفعالي أنه حين يسمع قول الله : " كن " فلازم أن يكون ، والمثال على هذا هو قوله سبحانه وتعالى : { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } [ الانشقاق : 1 - 2 ] . إنها لن تنتظر إلا سماع الأمر فقط . وساعة تسمع الأمر فهي تنفعل ، ومعنى تنفعل أي تطيع . وكل الكون مطيع لخالقه سبحانه وتعالى . أو يكون معنى هل يستطيع : هل يفعل . وذلك من باب التعبير عن المسبب بالسبب إذ الاستطاعة من أسباب إيجاد الفعل . وقيل المراد : هل تستطيع سؤال ربِّك من غير صارف ولا مانع يمنعك عن سؤاله ؟ فقد قرأ الكسائي وغيره هل تستطيع ربَّك بنصب كلمة ربَّك وأصلها هل تستطيع سؤال ربَّك ، فحذف المضاف سؤال وأقيم المضاف إليه وهو كلمة رب مقامه فنصب . وقال الزمخشري : ما وصفهم الله بالإيمان والإخلاص ، وإنما حكى ادعاءهم ، وقولهم : هل يستطيع كلام لا يتأتَّى مثله من مؤمنين معظمين لربهم . وقال الحواريون ما جاء به القرآن الكريم : { قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ … } .