Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 17-17)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقال سبحانه من قبل : { فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ } [ المائدة : 14 ] فمن اتبعوا اليعقوبية قالوا شيئاً ، والنصرانية قالت شيئاً ، والملكانية قالت شيئاً ثالثاً فجاء بالقمة : { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَآلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } . ويأتي قوله سبحانه : " قل " ، رداً عليهم : { فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } أي من يمنع قدر الله أن ينزل بمن جعلتموه إلهاً { إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } . لقد زعموا أن الله هو المسيح عيسى ابن مريم وفي هذا اجتراء على مقام الألوهية المنزهة عن التشبيه وعن الحلول في أي شيء . وفي هذا القول الكريم بلاغ لهؤلاء أن أحداً لا يستطيع أن يمنع إهلاك الله لعيسى وأمه وجميع من في الأرض . فهو الحق الملك الخالق للسماوات والأرض . وما بينهما يخلق ما يشاء كما يريد . فإن كان قد خلق المسيح دون أب فقد جاءنا البلاغ من قبل بأنه سبحانه خلق آدم بدون أب ولا أم ، وخلق حواء دون أم ، جلت عظمته وقدرته لا يعجزه شيء . إن عيسى عليه السلام من البشر قابل للفناء ككل البشر . { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } جاء الحق هنا بالسماء كنوع علوي والأرض كنوع سفلي ، وقوله : { يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } يرد على الشبهة بإيجاز دقيق : { يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } لأن الفتنة جاءت من ناحية أن عيسى عليه السلام مُيّز في طريقة خلقه بشيء لم يكن في عامة الناس فأوضح الحق : لا تظنوا أن الخلق الذي أخلقه يشترط عليّ أن تكون هناك ذكورة وأنوثة ولقاح ، هذا في العرف العام الذي يفترض وجود ذكورة وأنوثة ، وإلا لكان يجب أن تكون الفتنة قبل عيسى في آدم لأنه خلق من غير أب ولا أم . إذن فالذي يريد أن يفتتن بأنه من أم دون أب ، كان يجب أن يفتتن في آدم لأنه لا أب ولا أم . ويوضح لهم : الله يخلق ما يشاء فلا يتحتم أو يلزم أن يكون من زوجين أو من ذكر فقط أو من أنثى فقط . إن ربنا سبحانه وتعالى له طلاقة القدرة في أن يخلق ما يشاء ، وقد أدار خلقه على القسمة العقلية المنطقية الأربعة : إما أن يكون من أب وأم مثلنا جميعاً ، وإما أن يكون بعدمهما مثل آدم ، وإما أن يكون بالذكر دون الأنثى كحواء ، وإما أن يكون بالأنثى دون الذكر كعيسى عليه السلام ، فأدار الله الخلق على القواعد المنطقية الأربعة كي لا تفهم أن ربنا يريد مواصفات خاصة كي يخلق بل هو يخلق ما يشاء . والدليل على ذلك أن الزوجين يكونان موجودين مع بعضهما ومع ذلك لا يُنْجَبُ منهما ، فهل هناك اكتمال أكثر من هذا ؟ ! { لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً } [ الشورى : 49 - 50 ] إذن فالمسألة ألا يُفرض على ربنا عناصر تكوين ، لا ، بل هي إرادة مُكَوِّن لا عنصرية مَكَوَّن . إنه { يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } ، ومشيئته مطلقة وقدرته عامة . ولذلك لا بد أن يأتي القول : { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . ويقول الحق بعد ذلك : { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَارَىٰ … } .