Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 28-28)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فقابيل - إذن - فاهم للقتل ، فلا تقل إنه تعلم القتل ، صحيح مسألة الدفن هذه جديدة ، والقصة جاءت لتثبت لنا كيف بدأ التكاثر ، ليجمع الله فيه بين الزوجين البُعد الإضافي لأن البُعد غير الإضافي غير مُمكن في هذا الوقت فتكون هذه بالنسبة لهذا أجنبية ، وهذا بالنسبة لهذه أجنبي إلى أن يتوسع الأمر ، وبعد ذلك يُعاد التشريع بأن الأخت من أي بطن محرّمة على أخيها تحريماً أبديًّا ، وبعد ذلك نتوسع في الأمر وننقله إلى المحرمات الأخريات من النسب والرضاع فلا بد أن لهذه القصة أصلا . هم قالوا نقرب قرباناً … لماذا ؟ " إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر " . لماذا يريدان أن يُقرِّبا قُرباناً ؟ قالوا : إن أخت قابيل التي كانت في بطن معه كانت حلوة وجميلة ، وأخت هابيل لم تكن جميلة ، فطبقا لقواعد التباعُد في الزوجية كان على هابيل أن يأخذ أخت قابيل ، وقابيل يأخذ أخت هابيل ، فَحَسد قابيل أخاه وقال : كيف يأخذ الحلوة ، أنا أولى بأختي هذه . وكان سيدنا آدم مازال قريب العهد بالوحي ، فقال : قربوا قرباناً وانظروا . لأنه يعلم جيداً أن القربان سيكون في صف التباعد . { إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ } . وبعض المفسرين يقول : والله نحن لم نعرف طريقة التقبّل هذه . نقول له : فلنبحث عن " قُربان " في القرأن . ننظر ما هو القُربان ؟ قد وردت هذه الكلمة في القرآن في أكثر من موضع . قال : { ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ } [ آل عمران : 183 ] والحق يقول لهم ردًّا عليهم : { قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ } [ آل عمران : 183 ] { وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ } ما هو ؟ إنه القُربان الذي تأكله النار . إذن كان القُربان معروفاً والاحتكام إلى قربان وتأكله النار علامة التقبّل من السماء ويكون صاحبه هو المُقرَّب ، والقُربان في مسألة هابيل وقابيل لكي يعرف كل منهما من يتزوج الحلوة ومن يتزوج الأخرى ، وتقبل الله قربان هابيل . لكن أرضِي المهزوم ؟ لا ، بل حَسَده ، وهذا أول تأب على مُرادات الحق في تكليفه . { فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ } . وقالت لنا القصص : إن هابيل كان صاحب ضرع أي ماشية وبذلك يكون عنده زبْد ولبن وجبن ، وحيوانات للحم ، والثاني صاحب زرع وقالوا : إن قابيل قدّم شِرار زرعه ، وهابيل قدّم خيار ماشيته . { فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ } . { قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ } وسبحانه قال : { أَحَدِهِمَا } ولم يقل قابيل أو هابيل ، { إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ } . فقوله : { قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ } من الذي قال ؟ الذي قال هو من لم يتقبل قربانه لأنه لم يحقق مُراده وغرضه . { قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } . وهل هذا الرّد مُناسب لقوله : " لأقتلنك " ؟ نعم لأن " لأقتلنك " بسبب أن قربانك قُبِل وقرباني لم يُقبَل . قال : فما دخلي أنا بهذه العملية ؟ الدخل في العملية للقابل للقربان ، فأنا ليس لي دخل فيها ، وربّنا لم يتقبله لأن الله لا يتقبل إلا من المتقين . وهو يعلم أنك لست بمتقٍ فلن يتقبل منك لأنك تأبيت عن حكاية الزواج بابنة البطن المخالف ، وهذا أول تمرُّد على منهج الله وعلى أمره لذلك قال هابيل : لا تلُمني فأنا لا دخل لي في القربان المتقبل لأن هذا من عند الله . والله لم يظلمك لأن ربنا يتقبل من المتقين . وأنت لست بمتقٍ لأنك لم تَرْضَ بالحكم الأول في أن تبتعد البطون { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } . { لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } [ المائدة : 28 ] وكلمة " البسط " ضد " القبض " ، وهناك : " بسط له " ، و " بسط إليه " . وتجد " بسط له كأن البسط لصالح المبسوط له . { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ } [ الشورى : 27 ] ولم يقل : " إلى عباده " بل قال : " لعباده " ، إذن فالبسط لصالح المبسوط له ولذلك لا يكون بإلى إلاّ في الشر ، وشرحنا من قبل هذه المسألة في قوله الحق : { إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ } [ المائدة : 11 ] إذن فالذي يبسط لك يعطيك نفعا والذي يبسط إليك يكون النفع له هو . { لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ } . وبيّنت " لتقتلني " مدلول " إليّ " . والعلة لا عجز عن مقابلة قوّتك بقوة ، لا ، وإنما لأنني أخاف الله ، فليس في هذا تقصير في الدفاع عن نفسي لأنني أريد أن أُحَنّنِك تَحنيناً يرجعك إلى صَوابك . وساعة يأتي واحد يريد أن يقتل واحداً يقول له : والله لن أقاتلك لأنني أخاف ربنا . إذن فبيَّن له أن خَوفه من الله مسألة مُستقرة في الذهن حتى ولو كانت ضد استبقاء الحياة ، وقد يعرفها في نفسه لأن أخاه كان يستطيع أن يقدّم دفاعاً قويا ، لقد ردّ الأمر إلى الحقّ الأعلى . فلا تقل كان هابيل سَلبيّا لا . إنه صعّد الأمر إلى الأقوى ويقول الحق : { إِنِّيۤ أُرِيدُ … } .