Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 29-29)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
و " تبوء " أي ترجع من صفقة قتلى بأن تحمل إثم تلك الفعلة وتنال عقوبتها و " إثمك " وكذلك الإثم الذي كان من أجله أنك أردت أن تقتلني لأنك تأبيت على المنهج ، حين لم يتقبل ربنا قربانك . فقد أثمت في عدم قبولك التباعُد المطلوب في الزوجية . إذن فأنت عندك إثمان : الإثم الأول : وهو رفضك وعدم قبولك حكم الله ومنهجه وهو الذي من أجله لم يَقبل الله قربانك ، والإثم الثاني : هو قتلي وأنا لا دخل لي في هذه المسألة لأن الظالم لا بد أن يأخذ جزاءه . إن هابيل يقول : { إِنِّيۤ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ } لم يتمن أن يكون أخوه عاصياً . بل قال : إن كان يعصي بهذه يبوء بإثمي ويأخذ جزاءه فيكون قد تمنى وأراد له أن يعود إلى العقاب ويناله إن فعل وهو لا يريده أن يفعل . { إِنِّيۤ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ } وجزاء الظالمين تربية عاجلة للوقوف أمام سُعارات الظلم من الظالمين لأن الحق لو تركها للآخرة لاستشرى الظُلم ، والذي لا يؤمن بالآخرة يصبح مُحترفاً للظُلم ، ولذلك قلنا من قبل : إن الحق سبحانه وتعالى ضرب لنا ذلك المثل في سورة " الكهف " حينما ذكر لنا قصة ذي القرنين : الذي آتاه الله من كل شيء سببا فأتبع سببا ، وبعد ذلك بين لنا مُهمة من أوتي الأسباب واتبع الأسباب ، وجعل قضيته في الأرض لعمارة الكون وصلاحه ، وتأمين المجتمع . ماذا قال : { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } [ الكهف : 86 ] هذا في رأي العين ، فحين تكون راكباً البحر . ترى الشمس تغرب في الماء ، هي لا تغرب في الماء لأن الماء هو نهاية امتداد أُفقك . { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً } [ الكهف : 86 ] إذن فقد خيره : إمأ ان تعمل هذا وإما أن تعمل ذاك . { قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } [ الكهف : 87 ] ذلك هو القانون الذي يجب أن يسير في المجتمع . حتى لا أترك لمن لا يؤمن بإله ولا يؤمن بآخرة أن يستشري في الظلم . فَلْيأخذ عقابه في الدنيا . { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ } [ الطور : 47 ] أي قبل الآخرة لهم عذاب . ولذلك حين يرى الناس مصرع الظالم ، أو ترى الخيبة التي حدثت لهم فهم يأخذون من ذلك العظة ، وجيلنا نحن عاصر ظالمين كثيرين نكل بعضهم ببعض ولو مُكِّن المظلومون منهم ما فعلوا بهم ما فعله بعضهم ببعض ، وأراد الحق أن يجري عذابهم أمامنا لتتضح المسألة . { قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } [ الكهف : 87 ] ولا ينتهي أمره بذلك ، وبعد ذلك يُردّ لمن ؟ يُردّ لله : { ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً } [ الكهف : 87 ] يعني عذاب الدنيا إن عذابها سيكون محتملا لأنه عذاب منوط بقدرة العاجزين ، إنما العذاب في الآخرة فهو بقوة القادر الأعلى : { وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً } [ الكهف : 88 ] تلك هي مهمة الله القوي المتين : إنّ الذي يظلم يضربه على يده ، والذي يحسن عمله يعطيه الحوافز . والحق يقول هنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ … } .