Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 37-37)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وكلما مَسَّهم لفحُ النار يريدون أن يخرجوا منها ، لكن كيف تأتي لهم إرادة الخروج من النار . لا بد - إذن - أن لحظة لفحها عليهم وتقبلهم هنا وهناك تدفعهم ألسنة اللهب إلى القرب من الخارج فيظنون أن العذاب قد انتهى . ألم يقل الحق سبحانه من أجل أن يضع أمامنا التجسيد الكامل لبشاعة الجحيم : { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ } [ الكهف : 29 ] هذا القول يُوحى أولاً بأن رحمةً ما ستصل إليهم ، ولكن ما يأتي بعد هذا القول يرسم الهول الكامل ويجسده : { يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ } [ الكهف : 29 ] وهذه قمة الهول . وهناك فرق بين الابتداء المُطمع والانتهاء المُوئِس . مثال ذلك السجين العطشان الذي يطلب كوب ماء . ويستطيع السجّان أن يقول له : لا . ليس هناك ماء . أما إذا أراد السجان تعذيبه بأكثر من ذلك فهو يقول له : سآتي لك بالماء ويحضر له كوباً من ماء زلال ، ويمد السجين يده لكوب الماء ، لكن السجان يسكب كوب الماء أرضاً . هذا هو الابتداء المُطْمع والانتهاء المُوئِس . وكذلك رغبتهم في الخروج من النار فلا إرادة لَهم في الخروج إلا إذا كانت هناك مظنة أن يخرجوا نتيجة تقليب ألسنة اللهب لهم ، ولذلك يقول الحق أيضاً عن هؤلاء : { فَبَشِّرْهُم } [ آل عمران : 21 ] وتثير البُشرى في النفس الأمل في العفو ، فيفرحون ولكن تكون النتيجة هي : { بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ آل عمران : 21 ] وهكذا يريد لهم الحق صدمة الألم الموئس بعد الرجاء المطمع . { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [ المائدة : 37 ] وبعد ذلك ينقلنا الحق إلى قوله سبحانه : { وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ … } .