Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 57-57)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

والهُزُوُ هو السُّخرية والتَّنكيت . وهُزْء أهل الكتاب من أهل الحق لون من الانفعال العكسى . فساعة يرى بعض أهل الباطل واحداً ملتزماً يُصلّي ولا يُحملق في النساء قد يصفونه بصفات غير لائقة لأنهم لا يستقبلون التزامه إلا بلونٍ من السخرية ، وحتى لا يفهم أنه خيرٌ منهم ، وقد يضلونه فيتبعهم . ولنفرض أن ثلاثة من الشباب جمعت بينهم الصداقة ثم انحرف منهم اثنان والْتزم واحد منهم . وكان لأحد المنحرفين أُخت فيطلب زميله المنحرف يد هذه الأخت ، ويأتي له الصاحب الذي لم ينحرف ليطلب الأخت نفسها ، هنا نجد الأخ لا يوافق على زواج أخته بالمنحرف ، بل يوافق على زواجها من الذي لم ينحرف لأنه لن يخدع نفسه . وعندما يعاتبه المنحرف فهو يرد عليه : وهل أستأمنك على أختي ؟ أنا أعرفك حق المعرفة . وهكذا نرى أن القيم هي القيم . وعندما يكون هناك إنسان على حق ويلتقي بأناس على باطل نجدهم لا يتركونه وشأنه ، ولأنهم لن يستطيعوا أن يكونوا مثله فلا أقل من أن يهزأوا منه حتى يحتفظوا لأنفسهم بفسادهم . وعندما ننظر إلى العادات الضَّارة التي تنتشر ، مثل شمّ الهيروين أو تدخين المخدرات نجد أن الذي وقع في مصيدة هذه المصائب يريد أن يجر غيره إلى مثل هذا المستنقع . ونجد في القرآن ما يقوله لنا خالق الطباع والعليم بها : { إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } [ المطففين : 29 - 30 ] . مثل قول أهل الباطل للمؤمن : احملنا إلى الجنة على جناحك . أو : أتريد أن تكون وليّاً . { وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ } [ المطففين : 31 ] . ويرجع الواحد منهم إلى أهله فيحكي بسرور : لقد قابلنا إنساناً غارقاً في الإيمان وسخرنا منه : { وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ * وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ } [ المطففين : 32 - 33 ] . بل قد نجد أن أهل الإضلال يتهمون المؤمن بأنه على ضلال ، فماذا يكون العقاب يوم الحشر ؟ { فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [ المطففين : 34 - 36 ] . وكأن الحق يسأل المؤمنين : ألم آخذ لكم حقكم ؟ إذن فالذين يتخذون الدين هُزُواً ولعباً . وادعوا الإيمان نفاقاً . إياكم أن تأمنوا لهم . ولقد حذرنا الحق بداية : { لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } [ المائدة : 51 ] . وهنا أمر بعدم اتخاذ الذين يتخذون الدين مادة للهزء أولياء ، وعلى المؤمنين اليقظة والحذر لأن الحق يقول : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } فإن كنتم مؤمنين حقاً فعليكم الأخذ بيقظة الإيمان ، عليكم ألا توالوا اليهود والنصارى وكذلك من يتمسح في الإيمان نفاقاً ويريد الانتفاع بمزايا الإسلام ليأخذ حقوقه الظاهرية وقلبه مع غير المؤمنين . وتقوى الله تبدأ من أن ينفذ المؤمن المنهج ، ويحاول أن يستبقي للمنهج مناعة اقتداره أمام خصومه بألا يُدخل المؤمنُ في حماية المنهج من لا يؤمن من اليهود والنصارى والكافرين والمنافقين . ويقول الحق من بعد ذلك : { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا … } .