Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 58-58)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

والنداء هو دعوة بجهر . ومقابل النداء المناجاة . وتثبت هذه الآية أن الأذان مشروع بالقرآن ، وفي ذلك رد على الذين يقولون : إن الأذان قد شرع بالسنة . أو أن القرآن بهذه الآية قد أقر تشريع الأذان . { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً } ذلك أنهم كانوا يقولون عن الأذان : لقد صاحوا صياح الحمير . ووصفهم الحق بقوله : { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } والعقل - كما نعلم - هو الأداة التي تؤدي مهمة الاختيار ما بين البدائل أي أن يختار الصالح من الأمور فيدرس مزايا كل أمر ومضاره ويختار الأمر الرابح . إن الهوى هو الذي يدفع العقل إلى أن يختار أمراً مخالفاً . فيجنح بالعقل إلى الضلال . وآفة الرأي الهوى . ولا يميل الإنسان عن جادة الصواب إلا إذا أراد أن يخدم هواه . ولذلك لا بد أن يكبح المؤمن جماح هواه بعقله ، والعقل مأخوذ من عقال البعير ، فصاحب الجمل يقيد ساقه بقطعة من الحبل حتى لا يجمح . ويحتاج الإنسان إلى العقل ليكبح جماح الهوى ، ولينقذ الإنسان من الضلال لا أن يبرر الهوى . والذين يريدون العقل تحرراً من الفكر نقول لهم : أنتم لا تفهمون معنى كلمة العقل . فقد جاءت كلمة العقل لتمنع الهوى لا ليجترئ الإنسان بهواه على رأيه وسلوكه المستقيم ، والعقل هو الذي يمنع الفكر من أن يكون مبرراً للهوى . فلو كانوا يعقلون لقلنا لهم : إن الأعمال التي تنادون بها عمر نفعها مظنون وقد تنفعكم في دنياكم ، وعمر الدنيا لا يستطيع أحد أن يحدده بالنسبة لنفسه ، فدنيا الفرد قد لا تزيد على مائة سنة . ودنيا الإنسان هو عمره فيها . وقد ستر الله سبب الموت وكيفيته عن الخلق حتى يعرف الإنسان أن عمره مظنون وقد ينتهي قبل أن تطرف عينه . ولو كانوا يعقلون لما باعوا آخرتهم بدنياهم . ولو عقلوا لأداروا مسألة البدائل في رءوسهم ولعلموا أنهم بموقفهم هذا من قضية الإيمان والإسلام إنما يقفون موقفاً خاسراً ليس في مصلحتهم . ويقول الحق بعد ذلك : { قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ … } .