Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 61-61)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهؤلاء هم الذين اتخذوا الدين هزواً ولعباً وسخرية . وهم ساعة يدخلون على المؤمنين يدخلون ومعهم الكفر . وعندما جلسوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا أيضاً بالكفر . أي أنّ الكفر قد لازمهم داخلين خارجين . وكأن جلوسهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزدهم أي شيء . وكان من الممكن أن يدخل إنسان على مجلسه صلى الله عليه وسلم ، وهو كافر ، وبعد ذلك تمسّه عناية الهداية فيخرج مؤمناً . ومثال ذلك : فضالة بن عمير الليثي الذي جاء ليقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الفتح . وعندما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضالة قال له : ما كنت تحدث به نفسك ؟ فقال : لا شيء ، كنت أذكر الله عز وجل . فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أستغفر الله لك . ووضع يده عليه السلام على صدر فضالة . فكان فضالة يقول : والله ما رفع يده عن صدري حتى ما أجد على ظهر الأرض أحب إلي منه . لقد مسته العناية ، فقد دخل - أولاً - بكفره وخرج - ثانياً - بعميق الإيمان . لكن هؤلاء دخلوا بالكفر وخرجوا بالكفر ، كأن الدخول كان نفاقاً ، بدليل قوله الحق : { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ } وهذا القول دليل نفاقهم ، فقد أعلنوا الإيمان لكنهم دخلوا بالكفر وخرجوا بالكفر . وكانوا يكتمون أن الدخول إلى رسول الله هو محض نفاق . وهذه خاصية لمن قالوا آمنا ، ولكان كان دخولهم إلى الإسلام نفاقاً لأن كفرهم أمر مستقر في قلوبهم لا يتزحزح ، وكان يكفي في الأسلوب أن يقول الحق : وقد دخلوا بالكفر وخرجوا به ، ولكنه قال : " وهم " وذلك تحديداً لهويتهم الكافرة ، فكأن عملية الدخول بالكفر والخروج بالكفر هي عملية مسبقة لذلك يكشفهم الحق : { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ } . وجاء سبحانه بأفعل التفضيل " أعلم " فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إشراقات الله عليه وتنويره له كان يعلم أيضاً أنهم منافقون . ولكن علم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل إلى علم الحق سبحانه وتعالى فعلم الله ذاتي وعلم رسوله فيض منه - سبحانه - . إذن فقوله الحق : { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ } لم يمنع أن هناك أناساً قد علموا أنهم منافقون . وقد استقر في ذهن النبي أنهم منافقون وأن الله أعلم بما كانوا يكتمون . والكتم هو حبس الإحساس النفسي أن يخرج وأن يظهر واضحاً ، ومحاولة الكتم عملية غير طبيعية لأنها قسرية . ويكاد كفرهم أن يظهر ويخرج فيحاولون أن يكتموه لأنهم يحرصون ألا ينكشفوا ، ولكن علم الله لا تخفى عليه خافية . ويقول الحق بعد ذلك : { وَتَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ … } .